المجتمع المعلوماتي وعصر الرقمنة

لم يستخدم العرب قديمًا كتابة الأرقام إلا بخط "الأبجدة" المسند، وحساب الجمل؛ فالرقم (1) يُكتب (واحد) هكذا.. وهذا يعني استخدام الأرقام مكتوبة بالحروف عند تسجيل التواريخ والأرقام؛ فيكتبون الأعداد بالحروف.

وقد استمر الأمر هكذا طويلاً إلى عصر الخليفة العباسي "أبو جعفر المنصور"، الذي بدأ فيه العرب استخدام الأرقام الهندية عن طريق "الخوارزميات" بدلاً من كتابة الأعداد بالأحرف.

وتعد الرقمنة -وهي التحول من الورقي إلى الرقمي- عملية تطوير جذرية في تحسين بيئة الأعمال، من خلال المواءمة مع المواصفات العالمية ذات الصلة بالمعاملات المالية، التي سترفع من مستوى تصنيف الشركات المشاركة في منظومة الفوترة الإلكترونية، والدخول في عالم أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ لتقوم بدورها الاقتصادي والتنموي في مجالات عديدة؛ ما سيُعزِّز الرقمنة من جهة، والتقدم في التصنيف من جهة أخرى؛ وهذا سينعكس إيجابًا على مملكتنا الحبيبة في تصنيفها بوصفها إحدى أبرز دول مجموعة العشرين الأوائل، وهذا ما أكده (إسحاق نيوتن) حينما قال: "إذا تمكنت من رؤية المزيد فذلك فقط لأنني وقفت على أكتاف عمالقة".

هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تعكف على تعزيز الفاتورة الإلكترونية، التي تراها حجر أساس ومشروعًا كبيرًا ضمن مشروعات التحول الرقمي والإصلاح الاقتصادي، من خلال عرضها فيلمًا وثائقيًّا تحت عنوان (كواليس فاتورة)، يحكي تفاصيل الواقع، ويأمل في أن يكون المواطن هو الجندي الأول بتجنب التعاملات النقدية بدون فاتورة. قال (رينيه ديكارت): "الأعداد المثالية مثل الرجل المثالي.. نادرة جدًّا". ومثالية الرجل في المواطنة الصالحة!!

هذا هو التحول من عصر الطباعة إلى عصر الرقمنة بلغة أرقام جديدة تكسرت على صخورها عواصف الجهل والشعوذة، كما أينعت في ثراها أزهار الاكتشافات، وسمقت أشجار العلم، وكانت الأرقام دائمًا حاضرة هنا معنا وحولنا. يقول (بنجامين): "لا يمكن إدارة أي عمل بدون حساب، ولا أي اختراع ميكانيكي بدون هندسة".

الأرقام لغة لا تغيب عنها الشمس؛ فهي لغة يفهمها الجميع، ولا تكذب أبدًا. إنه عصر التطور والتنمية.. فهي أكثر وضوحًا ودقة وسرعة. يقول (غاليليو): "الرياضيات علم خطير. إنه يكشف عن المخالفات والأخطاء الحسابية"، في إشارة واضحة ضمنيًّا إلى أن رقمنة المنظومة الاقتصادية الجديدة هي للحد من الأنشطة غير الرسمية التي تحاول التهرب من المظلة الضريبية، وضبط المنظومة الاقتصادية من خلال المنافسة العادلة، وحماية المستهلك، ومحاربة الاقتصاد الخفي، إضافة إلى رفع المستوى التكنولوجي للشركات والعاملين فيها، والقضاء على التستر التجاري. إنها ببساطة تؤدي إلى تطوير أطراف المنظومة الرقمية (التاجر، المستهلك والدولة).

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org