لا تنتظر أحدًا..!
ثمة مواقف، مناسبات، تجارب ولحظات مفصلية، قرار الخوض والمبادرة فيها يعود لك وحدك؛ فلا تنتظر نداء أو تشجيعًا ممن حولك، لا تلتفت بحثًا عن مؤيد، أو تنتظر مَن يطلب منك أن تفعل ما خطر لك؛ لأنك قد تخسر الفرصة ويفوت الفوت ولم يقم شخص بوكزك!!
صدِّق إحساسك، واتبع النبض الذي يقع خلف الموقف، أيًّا كان حجم ذلك الموقف ونوعه: زيارة صديق، حضور مناسبة، زغروطة في فرح، سلام حار على شخص قديم في مناسبة، توديع شخص عزيز، اقتناص فرصة عمل، تجربة تحدٍّ مثير، تعلُّم هواية جديدة، رسالة شكر صادقة، قبول دعوة، طرح وجهة نظر مختلفة، مشاركة في تحضيرات مناسبة مهمة.. والكثير من اللحظات التي قد لا تتكرر.
لحظات لا يفهم ندرتها وانبعاث ندائها في تلك اللحظة غيرك؛ فلا يملك الشجاعة للإقدام على ما تستطيع أنت فعله.
ولا أحد يعرف حدودك ومساحات الشغف داخلك؛ لأننا مختلفون؛ فما تراه مشوقًا وحماسيًّا قد يراه غيرك سخيفًا وغير مهم! فلا تجعلهم يحكمون على قرارك في لحظات تعني لك، ومحال أن تكون بالأهمية ذاتها لديهم؛ لأنهم بكل بساطة ليسوا أنت!
بادر باقتناص اللحظات التي قد تندم يومًا على فواتها؛ فلن يشعر بمرارة ذلك الندم سواك؛ لأنك وحدك من شعرت بفورة الإحساس في حينه، ولكنك توقفت، ترددت، خفت، كبحت جماح الحماس، راودتك الشكوك في صحة ما تفعله، بالرغم من أنه لا يمس المحاذير، ولا يعد بالأمر الخطير، ولكنه في عرف تلك اللحظة الغامرة يبدو مختلفًا وجريئًا أحيانًا، وخارج نطاق المألوف لديك.. هي اندفاعة وخروج عن منطقة الراحة بشكل تلقائي، سرعان ما تكبتها.
إن تعاطينا مع الأحداث يحدد موقفنا من الحياة، ويصنع الذكريات المميزة.. فمن يلاحظ الموقف ويتفاعل معه هو غالبًا الشخص المؤثر؛ مَن تكون له نظرة، دور، وإضافة في المواقف التي تمر به؛ فتحركه المشاعر والقيم؛ ليقوم بدور ما إيجابي في الحدث.. بينما الغالب يكونون في فئة من لا ينتبه للمواقف أصلاً، أو لعلهم ينتبهون ولكنهم يكتفون بالمشاهدة فقط، ولا يتفاعلون معها ليغيروا أو يضيفوا أي شيء! فلا تغرك سلبيتهم، ترددهم، قيودهم الوهمية؛ فهم كُثر.. أما المؤثرون الإيجابيون فهم قلة.. شعارهم أثر يبقى وأجر يرقى.. هؤلاء لم ينتظروا أحدًا يُملي عليهم ما يفعلونه، ولم يخافوا من اقتناص الفرص واغتنام الحياة؛ لذلك يبرزون، يتفردون، ويختارون لأنفسهم ما يريدون، لا ما يريده الآخرون لهم.
إن التردد في اللحظات الحقيقية والتجارب النادرة يقتل فرصتك بأن تكون أنت بكل ما يميزك من عنفوان وبريق وتفرد ومبادرة. لا أقصد هنا الخروج عن المعتاد لمجرد لفت النظر أو التمرد، وإنما أعني أن لا تكبت ما تريد حقًّا فعله طالما هو ضمن حدود قيمك الأخلاقية والدينية، ولا يخالف ولا يضر أحدًا، وإنما هو موقف عابر قد تتراجع عن الإقدام فيه لأسباب واهية جدًّا، أو انتظار شخص ما يدفعك للإقدام، أو خوفًا من الفشل، ولكن ماذا لو لم يوجد ذلك الشخص الذي انتظرت إشارته؟! إذن.. فلتكن أنت لنفسك كل شيء، كأنك في الأرض كل البشر.