عشـاكم عندي..!!

نسبة كبيرة من المواشي المبيعة في (سوق بيع الأغنام والماعز ورؤوس الإبل) لا تذهب لثلاجات البيوت، وفريزرات المنازل، وإنما للمطاعم المخصصة لإعداد المفطحات وطبخ المندي والحنيذ من قِبل الزبائن الكرماء الجدد، وأصحاب العزائم والولائم الخاصة؛ بهدف تقديمها للضيوف الافتراضيين، على حسب تعبيرهم..!!

مثل هذه المناسبات التي تُقدَّم للناس من قِبل البعض هي إسراف وكرم في غير محله في غالب الأحيان، بل في وقت لم يعد فيه الناس مع تسارع وتيرة الحياة بحاجة للضيافة ورسائل الدعوات والذبائح حد التباهي لتقديم الموائد الفاخرة؛ ذلك أن الغالبية منهم بإمكانه الذهاب بمفرده إلى أفضل المطاعم، وتناوُل وجبة الغداء أو العشاء من يُسر، وفي هدوء، دون الحاجة إلى أن يكون ضيفًا ثقيلاً على أحد..!!

إن غلاء المواشي المبالَغ فيه قد يكون من أسبابه الذبح للضيوف بمعدل آلاف الذبائح في الدقيقة، وشراء أكثر من ذبيحة من قِبل الزبون الواحد بمفرده، وهو ينادي على البائع بصوت جهوري وحماسي؛ ليطلب منه إيصالها للمطعم، ويردد من بين الكلمات أن عنده عزومة وضيوف الليلة..!!

الكرم لا يمكن أن يكون بتقديم صحون من الرز والفوالة من الفاكهة بعشرات الكيلوات، وبارتفاعات شاهقة، تعانق السماء والمفطحات.. في زمن لم يعد فيه الضيف يملك الوقت الكافي للارتباط من أجل شخص بات يحلف عليه ويُقسم عنوة أن يأخذ واجبه و"عزومته" عنده، وهو في الحقيقة يقبل على مضض، وتتخللها آلاف التذمرات في صمت داخل الأعماق..!!

إن ذبح سبع ذبائح شهريًّا من قِبل البعض لن يرتقي بهم لمنزلة حاتم الكرم، خاصة أن الزمن تغيَّر، والظروف تبدلت، وليس الضيف بحاجة للأكل ووجبات العشاء؛ فبإمكانه أن يذهب لأقرب صرافة، وسحب ما يكفيه لتناوُل وجبته المفضلة، أو أن يحاسب عن طريق الشبكات الذكية قبل أن يختار طاولته في الجلوس..!! لذلك كله من الأفضل أن لا نضغط على الناس من الأقارب والزملاء والأصدقاء والزائرين وعابري الطريق من المسافرين أثناء مقابلتهم، وإلزامهم بالحلف بأن يتناولوا (المفطح).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org