المتسولون من الشوارع إلى "السوشيال ميديا"...!

تم النشر في

يتفنن المتسولون في ابتداع طرق جديدة للحصول على الأموال بغير وجه حق. في السابق كنا نشاهدهم عند إشارات المرور، والمحال، والمطاعم.. وغيرها، يطلبون من الناس الأموال، والتصدق عليهم بدعوى حاجتهم الماسة، مستدلين على ذلك بطرق عدة، سواء إبراز عاهات، أو إظهار وصفات علاج - عافانا الله وإياكم-، وغيرها من وسائل بقصد استعطاف الناس؛ لدفع النقود لهم. ولا نخالف الواقع إذا قلنا إننا شعب عاطفي، وكانت مثل تلك التصرفات تنطلي علينا، وندفع مباشرة دون التحقق من مصداقيتهم؛ ما جعل الكثير -وبالأخص بعض الوافدين- يمتهنون ذلك العمل، أو بمعنى أدق تلك الحرفة؛ لأنها أصبحت حرفة بمعنى الكلمة؛ تدر الآلاف من الريالات دون أي جهد، بل وصل الأمر إلى أن بعض المواقع في شوارع الرياض أصبحت محجوزة لمتسولين معينين، وعليها نقل قدم لمن يريد التسول فيها.

وأتذكر شجارًا حدث أمامي بين اثنين من المتسولين عند إحدى إشارات المرور، كل يريد الجلوس في هذا المكان!

حاليًا بدأ الناس يستوعبون ذلك الاحتيال، ولم يعد يتفاعلون معهم؛ لإدراكهم أن المسألة "شحاتة"، وليست حاجة؛ وبالتالي ارتفع الوعي المجتمعي، وأصبحت هذه الحرفة لا تكسب صاحبها شيئًا يُذكر، خلاف أن هناك متابعة من الجهات المعنية لمثل هؤلاء؛ ما جعلهم يتراجعون كثيرًا في هذا العمل.

بعد انتشار وسائل التواصل تحوَّل المتسولون إلى هناك، وأصبحوا يمارسون خديعتهم على الناس. ونظرًا إلى أن مجتمع السوشيال أكبر، ولا يوجد قيودٌ أو رقابة، فإن النتائج بالتأكيد أكبر وأنجع؛ ولذلك تجدهم ينشطون في هذا المجال بشكل كبير، وإن كان أغلبهم يستهدف المجتمع السعودي؛ لعلمهم أن هذا المجتمع يحب عمل الخير؛ وبناء عليه فإنهم يختارون أوقاتًا معيَّنة للتسول، مثل دخول موسم الشتاء، وأن هناك عوائل لا تجد ما يقيهم من البرد، ويطلبون كسوة الشتاء، أو يتعللون بوجود فواتير معلقة، أو وصفات طبية، تحتاج إلى مَن يدفعها.. وغيرها من مبررات تستعطف الناس.

للأسف، يوجد من يتعاطى معهم، ويدفع لهم بسذاجة معتقدًا صفاء نيتهم وصدقهم. وليت الأمر يقف عند هذا الحد (لأن السوشيال أخطر)؛ فلربما استطاعوا الحصول على بيانات أحد الأشخاص، وأخذوا أموالاً من حساباته الشخصية، وتحولت المسألة من بضعة ريالات إلى آلاف.

يوجد بعض المعرفات في منصة "إكس"، تحمل أسماء مجتمعية كبيرة، قام هؤلاء "الشحاتون" بانتحالها؛ لتعطي مصداقية أكبر لعملياتهم الدنيئة؛ وهو ما يوقع الكثير من الناس في لبس أو شك، ويدفعون لهم دون تردد.

التوعية مطلوبة، وأخذ الحذر مهم جدًّا؛ حتى لا نصبح فريسة سهلة لهؤلاء. والأفضل التواصل مع الجهات الرسمية في تقديم المعونات؛ حتى لا نقع في المحظور.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org