بكل فخر وشموخ نحتفل سوية في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام بمناسبة اليوم الوطني لمملكتنا الغالية، مُسطِّرين أروع أمثلة اللحمة الوطنية والولاء للقيادة -أيدها الله- والوطن، ونسترجع فيه سيرة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- الذي جمع قلوب أبناء وطننا، ووحَّد هذه الدولة الواسعة مترامية الأطراف، وأسس قواعد متينة لهذا الكيان القوي الراسخ، الذي ننعم فيه اليوم بالأمان والاستقرار، والرخاء والازدهار، وقد سار أبناؤه الملوك من بعده على الطريق القويم ذاته الذي يقوم على تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها، وبسط الأمن وإرساء مبادئ العدل المساواة، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين.. ومن مِنن الله العظيمة علينا أن قيَّض لهذه البلاد المباركة على مدى تاريخها قادة أوفياء، نذروا أنفسهم لقيادة شعبها نحو مراقي المجد والرفعة والعزة.
وفي هذا العام تأتي هذه المناسبة الوطنية العزيزة ووطنا -ولله الحمد- يشهد نهضة، تشمل كل القطاعات، التعليمية والصحية والاجتماعية والمعرفية، على هدى رؤية السعودية 2030 الطموحة، التي بدأنا نقطف ثمارها نموًّا اقتصاديًّا، وازدهارًا، ورفاهية، وتحسُّنًا مُطَّردًا في جودة حياتنا؛ بما يؤكد أن القيادة بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع –حفظهما الله-، تؤسس لمرحلة جديدة، تعزز مكانة المملكة العربية السعودية بين الدول الكبرى المؤثرة في العالم. وشهد هذا العهد الزاهر -إضافة إلى النهضة التنموية الشاملة- استقرارًا أمنيًّا باهرًا، على الرغم من الاضطرابات التي تشهدها الكثير من دول المحيط الإقليمي، والاستهداف المستمر الذي تتعرض له السعودية، إلا أن القيادة -أيدها الله-، بسند وتلاحم شعبي لا نظير له، استطاعت -بفضل الله- أن تذود عن حدود البلاد البرية والجوية والبحرية بحسم، وتُفشل محاولات العبث بالأمن والاستقرار، الذي يتفيأ ظلاله اليوم المواطن والمقيم والزائر وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين.
كما شهدت السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تطورًا كبيرًا في مجال الخدمات؛ إذ حقَّق التعليم إنجازات كبيرة كنتيجة طبيعية للاهتمام والتخطيط، وتخصيص ميزانيات صرف ضخمة للارتقاء بالبرامج والممارسات التربوية، وصولاً إلى مخرجات تعليمية، تنسجم مع المتطلبات والاحتياجات التنموية، ومع اقتصاد المعرفة.. وعلى مَرِّ تاريخ السعودية حظي محور خدمات الرعاية الصحية باهتمام كبير من ولاة أمر هذه البلاد، وأولت الدولة اهتمامًا كبيرًا ومستمرًّا لهذا القطاع؛ للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، وبناء أجيال سليمة، تواصل مسيرة البناء والتطور في بلادنا الغالية. وفي هذا السياق شهد القطاع الصحي تنفيذ الكثير من البرامج، وإطلاق المبادرات النوعية التي أسهمت في تطوير مستوى الخدمات المقدَّمة، ورفع كفاءة المرافق الصحية، وتأهيل الكوادر البشرية، وتحسين النتائج، وتوفير وتسهيل الوصول إلى خدمات رعاية صحية تتسم بالتكامل والشمول، ومتوافقة مع أعلى المعايير الدولية. ويعمل النظام الصحي في السعودية على ضمان توفير الرعاية الصحية للجميع بعناية فائقة، مع تيسير الوصول إليها، والحصول عليها.. إذ تعمل الدولة على توفير شبكة متكاملة من خدمات الرعاية الصحية، تغطي جميع مناطق السعودية، وتتكفل كذلك بنفقات المرضى المحوَّلين للعلاج خارج مناطق إقامتهم، داخل السعودية أو خارجها، وبنفقات مرافقيهم خلال مدة العلاج حسب النظام الخاص بهذا الشأن، وكذلك تسيير طائرات الإخلاء الطبي للمواطنين المرضى في الحالات الطارئة، وإعادتهم إلى البلاد.
ومن المنتظر أن يُحدث برنامج التحول المؤسسي الذي يعمل على فصل تقديم الخدمات الصحية من وزارة الصحة، ونقلها إلى شركات حكومية، يتم تشغيلها بشكل مستقل، نقلةً كبيرةً في تحسين كفاءة مُقدِّمي الخدمات الصحية، سواء كان ذلك في القطاع العام أو الخاص؛ ما يوفِّر لتك الشركات الاستقلالية وسرعة اتخاذ القرارات المناسبة، ويهيئ لها أيضًا بيئة تنافسية، من شأنها أن تدفعها إلى رفع جودة منتجاتها، وإضافة المزيد من التخصصات النوعية المهمة، وتقليل فترات الانتظار، وإتاحة خيارات متعددة لتلقي الرعاية الصحية. ومن ناحية أخرى، فإن رفع عبء تقديم الخدمة عن الوزارة سيُمكِّنها من تركيز جهدها في أدوار أخرى مهمة للغاية، كالتنظيم والتنسيق، والرقابة، وتعزيز روح المنافسة والشفافية.
وما لا مراء فيه أن القطاع الصحي بالسعودية شهد خلال السنوات الماضية تطورًا سريعًا؛ إذ إنه خاض اختبارًا عسيرًا إبان أزمة جائحة كورونا، واستطاع اجتياز ذلك الاختبار بكفاءة عالية. وقد اختار المركز العالمي لريادة الأعمال "GEM" ، بالتعاون مع كلية الأمير محمد بن سلمان للأعمال وريادة الأعمال ومركز بابسون العالمي لقيادة ريادة الأعمال "BGCEL"، حكومة السعودية بوصفها أفضل حكومة استجابت للجائحة في العالم. وأكد القطاع الطبي خلال الجائحة أنه يتمتع بالقوة والمرونة، وغيرها من العوامل اللازمة للتعامل مع مختلف أنواع الطوارئ الصحية.
كما ساهمت السعودية في الجهود العالمية الخاصة بدحر كورونا؛ إذ مدت يد العون للدول الفقيرة ومجتمعات اللاجئين والنازحين، كما دعمت الجهود العلمية والبحثية الخاصة "بكوفيد- 19". وقبل وبعد هذه الجائحة فإن السعودية تُعدُّ من كبرى الدول في مجال الأعمال الإنسانية، وتقديم يد العون ومساعدة المحتاجين؛ بتقديم الغذاء والإيواء والعلاج؛ وذلك ببناء المستشفيات والمرافق الصحية، وإرسال البعثات الطبية، واستقدام وعلاج بعض الحالات في مستشفياتها، كـ"التوائم السيامية" التي تأتي من مختلف دول العالم.
هذا هو وطننا، وهذه هي مملكتنا الغالية، وهؤلاء هم قادتها -حفظهم الله ورعاهم من كل مكروه-، وها هي أعمالهم العظيمة التي شهد لها القاصي والداني، وارتقت بالسعودية حتى أصبحت عنوانًا عريضًا للريادة والصدارة على مستوى دول العالم.
حفظ الله وطننا وولاة أمرنا وأمننا وأماننا واستقرارنا ووحدتنا.