جميعنا VIP ولكن بمهام مختلفة

مَن يتأمل في طبيعة الحياة، ونواميس الكون التي أوجدها الباري -عز وجل-، يجد أن جميع البشر مهمون ونافعون ومكملون لبعضهم.

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر الحياة بدون هذا التباين والاختلاف الرائع بين البشر. أشكال وألوان وطبائع وخصائص وسلوكيات وأرزاق وزعها الرزاق بين الناس.

لذة الحياة ومتعتها في التنوع.. ولو لم يكن هناك تنوع لكانت الحياة مملة ومتعبة ومتكررة وروتينية بشكل يجعل الجميع يعافها، ولا يشعر بأي فرحة أو رغبة للاستمرار عليها.

بما أن قيمة الحياة تكمن في هذا الاختلاف في المهام والمسؤوليات بين البشر فإن من الحكمة، ومن مصلحة الجميع، أن يعترف الكل بأهمية الكل.

حينما يؤمن ويعتقد الجميع بأن كل من يعمل ويقدم ويخدم البشرية في أي مجال من المجالات هو VIP، أي مهمًّا، ولا تصلح عجلة الحياة إلا بوجود الجميع، فإن جودة الحياة ترتفع، ومستوى الرضا لدى الناس يزيد ويكتمل، ويتحقق مفهوم التكامل بين الناس، ويُقدِّر كل شخص الآخر؛ لأنه يعلم أن حياته لن تستقر أو تستمر إلا بوجود كل المهن والوظائف.

ما زلتُ أتذكر ذلك اليوم الذي كان يتحدث فيه والدي -غفر الله له-، وقد كان يوجهني وأنا أصغي له باهتمام حينما قال: كل أفراد المجتمع مهمون، ولهم أدوارهم الرئيسية في خدمة الوطن. المعلم والطبيب والنجار ورجل الأمن والصيدلي والسباك والحلاق وأستاذ الجامعة وعامل النظافة والسيدة في منزلها والممرضة وسيدة الأعمال وسائق الباص والطباخ والنادل وإمام المسجد والكهربائي.. كلهم وبلا استثناء يخدمون الوطن، ويبنون المجتمع، كلٌّ في مجاله وبأسلوبه ومنهجه الذي تدرب عليه.

الاحترام والتقدير واجب بين الجميع، وتقديمنا الشخص ليتصدر المجلس أو يبدأ الحديث وفقًا لعمره، وليس وفقًا لماله أو رتبته أو درجته العلمية.

الشرط الرئيسي لنجاة أي مجتمع من السقوط في براثن البطالة والجريمة هو أن يحترم كل الناس بعضهم، ويقدرون كل المهن والوظائف، ويعتبرون بعضهم VIP؛ فهذا الأمر سيجعل الجميع يقبلون على أعمالهم بهمة عالية، وتقدير مرتفع.. وكل شخص يتجه للوظيفة التي تتلاءم مع قدراته وإمكاناته وما يسَّر الله له.

أكبر كارثة أن يحدد الناس الاحترام والتقدير لوظائف معيَّنة فقط، ويقدمون أصحابها، ويتجاهلون البقية؛ فهذا يجعل الشباب يتصارعون ويتنافسون فقط على بعض الوظائف!! طلبًا للاحترام والتقدير!! وهربًا من التجاهل!! لذا علينا من اليوم، وكل يوم، الإيمان التام بأننا جميعًا VIP، ولكن مهامنا مختلفة.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org