قناة العربية: للحقيقة وجه واحد
في كل الأحداث الدولية والإقليمية والمحلية، وللأمانة حين أتحدث محلياً فإنني أقف على عدة محاور، محلياً سعودياً، محلياً خليجياً، محلياً عربياً وشرق أوسطياً، لأن المملكة اليوم دولة ذات امتداد تأثيري يتجاوز الحدود الجغرافية، وبطبيعة الحالة فإن الإعلام له الدور الأبرز في تغطية كل ما يجري، سواء نقل الخبر أو تحليله، ولهذا فإن مصادر الإعلام وفي ثورة الإعلام التكنولوجي أصبحت متعددة ومتداخلة، لكن تبقى القنوات الإعلامية الكبرى عربياً على الأقل، محصورة بين قناتين أو محطتين من حيث قوة التأثير والحضور والإمكانيات، إحداهما قناة العربية.
لن أحلل وأناقش قوة كل قناة وإمكانياتها وحدودها وتوجهاتها، بل ما أريد طرحه هو كيفية تعامل الرأي العام مع مخرجات هاتين القناتين، وبالنسبة لي ولما ينكشف من حقائق لاحقاً، نجد دائماً أن قناة العربية تقدم الحقيقة كما هي، والحقيقة كلنا نعلم جيداً أن لها وجهاً واحداً، بينما إذا أردت أن تزيف خبراً أو تزوره أو تفبركه، فلديك المساحة الكبيرة جداً لذلك، ولكن لقول الحقيقة فليس لديك إلا ان تذكرها كما هي، يتبقى فوق المهنية الاحتراف في عملية تقديم الخبر وتوثيقه وتقديم ما يؤكده، وهذه حقيقة عملية تبرع فيها قناة العربية بكل كوادرها، وحين القول كوادرها، فإنني أتحدث عن كوادر عربية متميزة، ذات خبرة وباع، ويكفيها أنها تعمل بكل روح إعلامية مهنية احترافية، دون ضغوطات لا من دولهم، ولا من ملاك القناة، بعكس قنوات أخرى، هنالك خط على الجميع الالتزام به، والخروج عنه فإنه يعني الخروج من المؤسسة الإعلامية، بسياسة اطع ولا تناقش.
في الأحداث الجارية مؤخراً في الحرب على غزة، من قبل العدو الصهيوني الغاشم، فإن قناة العربية بذلت كل جهدها على مواكبة الحدث بكل مهنية، بل مهنية بانحياز واضح للقضية الفلسطينية، والانحياز مبرر ومشروع للإنسانية ضد الإجرام وقتل الأبرياء في غزة العزة، من حيث الصورة والصوت والتغطية المستمرة، وأخذ آراء المحللين المختصين، ولكن هنالك حالة من الضغط والغضب بين الشعوب العربية، التي تجعلها تبحث عن أي متنفس، في العربية المتنفس الوحيد هو الحقيقة، ومخاطبة العالم بلغة يفهمها العالم ويتقبلها، على أمل تقديم ما أمكن من مساهمة في إيقاف هذا العدوان الغاشم.
بعض القنوات الإعلامية المسيسة باتجاه واحد، تجيد اللعب على الأوتار الحساسة، فتقدم الأخبار برؤية واضحة هدفها إثارة الشعوب ليس باتجاه مساعدة غزة، وإنما بتوجيه الحرب والمواجهات نحو اتجاهات أخرى، تعزيز فكرة أن العرب خونة، أن الشعوب العربية متخاذلة منافقة، تقديم أخبار مفرقعات، لقاءات مع جهات ومنظمات ساقطة اعتبارياً، الحوثي له مساحة للحديث عن (فتاشاته) التي يرسلها إلى البحر، وحزب اللات له حضور للحديث عن مسيرته لتحرير الأقصى من بوابة حماة ودمشق وإدلب، مليشيا الحشد الشعبي في العراق لها مساحات لتقديم بطولاتها لإخفاء جرائمها ضد أهل السنة في العراق الأسير، منظمات لها من يمولها من الغرب المتطرف ومن الصهيونية العالمية، كل هدفها هو إخلال الأمن في الأوطان العربية، وإثارة الفتن بين الشعوب العربية، لدرجة أنه أصبح من ينشر صورته بين أولاده على وسيلة تواصل اجتماعي، خائن وعميل ومتخاذل.
في الحرب على غزة اليوم، كل ما نريده ويريده كل عاقل وطني حر، هو إيقاف الحرب ونزف الدماء، وحماية الإخوة في غزة، وهذا نهج قناة العربية بدون شك، الزملاء في قناة العربية يخاطبون العالم كله، فلسنا بحاجة لكي نعرف أن الصهيونية منظمة إجرامية، وأن الكيان الإسرائيلي عدو غاشم لا يحترم العهود ولا المواثيق، بينما هناك من القنوات الأخرى، من تعمل على الدفع باستمرار الحرب، وتغذية نارها، والوعد الكاذب بالنصر القريب والتحرير، وفتح بوابات أخرى في الوطن العربي كلها للفتن والمظاهرات غير المنضبطة، سياسة تمجيد قاسم سليماني وحسن نصر الله وعبد الملك الحوثي، ومسرحية حلف المقاومة المفضوح أساساً، ودور إيران في اللعبة والخديعة التي أسقطت حماس فيها، كل هؤلاء يجدون منابر إعلامية تقدم لهم المساحة لمزيد من الكذب والخداع والتزييف، إلا منبراً واحداً صامداً هو قناة العربية.
للأسف الشديد، شعوبنا العربية تنجرف بسهولة وراء بطولات الورق لأبطال الكذب والصوت العالي، ونحن في السعودية نعي أكثر من غيرنا حجم التوجيه من جهات نعلمها جيداً، بالتشكيك في مواقفنا، ودورنا، والأشقاء في الإمارات ومصر والأردن يتعرضون لنفس الهجمة تقريباً، نعي جيداً أن ما يحدث في غزة، وأن سياسة الممكن والمستطاع التي تنتهجها الدول العربية المتحالفة، لا يتقبلها الشارع العربي، ولهذه القنوات الصفراء دور كبير في عدم تقبلها، لكننا تعودنا أنه بعد كل حدث، تظهر الأمور وتظهر الحقيقة، ونشكر قناة العربية، ويصمت المرجفون، ولو إلى حين.