أمريكا، ومن خلفها الغرب، تؤمن بازدواجية المعايير، وتدوير السياسة بتكتيكات سياسية بعيدة كل البُعد عن ماهية التحالفات وحقيقة المصالح النزيهة؛ فهي أقرب إلى التقاء مصالح منها إلى تحالف استراتيجي.. هذه الازدواجية خلقت أزمة ثقة بين المتحالفين.
الصين مهما تقاطعت المصالح معها تسير بخطى ثابتة، وليس لديها معايير مزدوجة، لكنها تزرع الثقة كل يوم مع من يتعامل معها، وتحصد نتائجها بكل ثقة واقتدار، ورغم ما يفعله العم سام معها بين الحين والآخر إلا أنها في ترند صاعد، وهذا الصعود يمثل هاجسًا في العقول الأمريكية، ويجعل هذه العقول لا تجيد الحسابات السياسية، وهذا ما ظهر جليًّا في تخبطات السياسة الأمريكية في العقود الثلاثة الماضية.
روسيا تسعى لعزل الولايات المتحدة الأمريكية عن الشرق الأوسط، وإلغاء القطب الأحادي، وكان لها ما تريد من خلال السياسات الرعناء لأمريكا، والتدوير الخاطئ للمصالح بتكتيكات سياسية خاطئة، جعلت من واشنطن تترنح بين الأقطاب الخمسة آنفة الذكر.
إيران لا تزال تؤمن بأن المصالح بينها وبين روسيا لا تخرج عن كونها التقاء مصالح، ولم ترتقِ إلى مستوى التحالف الاستراتيجي.
وصراعها مع الأمريكان وإسرائيل هو صراع العقود الوهمية، التي لا تستند إلى أرض صلبة؛ لأن جميع الأطراف الثلاثة تحكمهم المصلحة أولاً، وليس بينهم تحالفات استراتيجية.
المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي تؤمن بالعلاقات الدولية؛ فلا يمكن أن تستقل دولة من الدول دون اللجوء إلى غيرها من الدول؛ لإكمال حاجاتها ومصالحها الضرورية. وقد عبَّر ابن خلدون بقوله: "إن الاجتماع البشري ضروري".
المصالح المشتركة بين الدول ضريبة تدفعها كل دولة، والأهم هو الشراء الإيجابي، الذي يخدم استقرار العالم، وبناءه وليس هدمه.
بينما الشراء الأمريكي السلبي جعل للصين وروسيا نفوذًا أقوى في الشرق الأوسط.
السؤال الذي يدور في ذهني، هو:
لماذا تتعامل أمريكا والغرب بازدواجية تجاه دول منطقة الشرق الأوسط؟!
وهل هذه الازدواجية صحية، أم إن أعراضها توحي ببزوغ أقطاب عالمية في العالم؟!!
إن السبب لتلك النتائج هو:
أزمة الثقة التي خلقتها هذه الدول مع الدول الأهم في منطقة الشرق الأوسط. والمعاملة بالمثل تغنيك ألف مرة عن ألف عقاب.
إنهم أصدقاء المصلحة، ضربة بلياردوا تُفرِّقهم، لكنَّ الأصدقاء الحقيقيين مثل البولنج يجتمعون في نهاية المطاف في خندق واحد.
أنا أخاطب أصحاب الرأي لا أرباب المصالح، والنظام العالمي اليوم هو بحاجة إلى الدول التي تبني في جدار العالم الإنساني، الذي اهتز كثيرًا من جراء زلازل سياسية وقرارات غير محسوبة؛ لأن لغة المصالح في العلاقة بين الدول هي اللغة السائدة، وأكثرها فاعلية وتأثيرًا، ولكنها تبقى في حدود الاحتياجات لا الاجتياحات!!