نقّال العلوم وضرره على الإدارة
في بيئة العمل المؤسسي، تُبنى العلاقات على الثقة، وتُدار الفرق بكفاءة عندما يسود الوضوح والشفافية. غير أن وجود “نقّال العلوم” — ذلك الموظف الذي يجعل من نقل الكلام بين الزملاء عادة يومية — يُعدّ أحد أبرز التحديات التي تهدد استقرار بيئة العمل وتُضعف كفاءة الإدارة.
نقّال العلوم لا يكتفي بنقل المعلومة، بل يُضيف إليها، يُحرّفها، أو ينقلها في توقيت غير مناسب ولأشخاص غير معنيين، مما يولّد أجواء من الشك والريبة بين الموظفين. مثل هذا السلوك يؤدي إلى اهتزاز ثقة الزملاء ببعضهم البعض، ويخلق انقسامات داخل الفرق، ويزيد من مستويات التوتر، وهو ما يعيق الإدارة عن أداء دورها الحقيقي في التوجيه والتحفيز واتخاذ القرار.
أما على مستوى الإدارة، فإن نقّال العلوم يُسبب ارتباكًا في صنع القرار، خاصة عندما يعتمد بعض المسؤولين على ما يُنقل إليهم بشكل غير رسمي من هذا النوع من الموظفين. في هذه الحالة، تصبح المعلومة ملوّثة، والمواقف مشوشة، والقرارات قد تُبنى على انطباعات مغلوطة، مما ينعكس سلبًا على الأداء العام ويؤدي إلى خسارة الكفاءات وخلق بيئة عمل طاردة.
ولعل الخطر الأكبر يكمن في أن نقّال العلوم يُظهر نفسه غالبًا بمظهر الحريص والمخلص، فيكسب ثقة بعض القيادات التي لا تُدقق فيما يُقال، مما يُمكّنه من الاستمرار في بث الفُرقة والتأثير على علاقات العمل. ولذلك، من الضروري أن تمتلك الإدارات وعيًا تنظيميًا كافيًا لتمييز هذا النوع من السلوك، ووضع سياسات واضحة للتواصل الداخلي، وتشجيع ثقافة الصراحة المباشرة والاحترام المتبادل.
في الختام، إدارة ناجحة هي التي تبني قراراتها على حقائق، وتعتمد على تواصل صريح ومهني، لا على ما يُنقَل من علوم ومجالس. أما نقّال العلوم، فهو عنصر معطّل، يجب التعامل معه بالحزم المناسب، قبل أن يتحوّل إلى مصدر دائم للاضطراب داخل المنظومة الإدارية.