داووا مرضاكم بالضحك
تخيَّل أن الطبيب منحك وصفة، وفي طريقك للصيدلية نظرت للوصفة لتجد (اضحك بشدة لمدة 30 دقيقة مرة في الأسبوع، يُفضل ضحك البطن Belly Laughter (وهي الضحكة الصادقة التي تدفع البعض إلى مسك بطونهم والتقاط أنفاسهم عند حدوثها) كيف ستتصرّف؟ هل ستنفّذ الوصية؛ عفواً الوصفة؟ هل ستُلقي بالوصفة في صندوق المهملات وتشكو الطبيب؟ أم ستعود للطبيب حاملاً هراوة وتجعل من الطبيب عبرةً لكل مَن ينادي بالعلاج بالفكاهة؟
على الرغم من أن الضحك دواءٌ قوي يجمع الناس معاً بطرقٍ تؤدي إلى تغييراتٍ جسدية وعاطفية صحية في الجسم، ومنها: تقوية الجهاز المناعي، تعزيز الحالة المزاجية، تقليل الألم، الحماية من الآثار الضارة للتوتر، تخفيف الأعباء، وإلهام الأمل، والربط بالآخرين، كما أنه يُبقيك على تركيزٍ وانتباهٍ، ويساعد على إطلاق الغضب والتسامح في وقتٍ أقرب، إلا أن البعض يعتقد أن الضحك مع المريض أو الدعابة يقوّضان المصداقية العلمية، وربما من غير المناسب الضحك مع المرضى قدر الإمكان.
كأطفالٍ اعتدنا على الضحك مئات المرات في اليوم، لكن كبالغين أصبحنا أكثر جدية وضحكنا أكثر ندرة، لكن من خلال البحث عن مزيدٍ من الفرص للفكاهة والضحك، يمكنك تحسين صحتك العاطفية وتقوية علاقاتك والعثور على قدرٍ أكبر من السعادة حتى إضافة سنوات إلى حياتك (وجدت دراسة في النرويج أن الأشخاص الذين يتمتعون بروح الدعابة القوية يعيشون أكثر من أولئك الذين لا يضحكون كثيراً، كان الفارق ملحوظاً بشكلٍ خاص لأولئك الذين يكافحون السرطان).
للضحك فوائد جسدية (يقوي المناعة، يخفض هرمونات التوتر، يقلل الألم، يريح العضلات، يمنع أمراض القلب)، وعقلية (يضيف الفرح والحماس إلى الحياة، يخفف القلق والتوتر، يحسّن المزاج)، واجتماعية (يقوي العلاقات، يجذب الآخرين إلينا، يعزّز العمل الجماعي، يساعد على نزع فتيل الصراع، يعزّز الترابط الجماعي، يخفّف من أعراض الأمراض العصبية).
الضحك هو أفضل دواء، لكن يجب استخدامه بعناية عند رعاية شخص يواجه تشخيصاً نهائياً، فعند استخدام الفكاهة بشكلٍ مناسبٍ يمكن أن يحسّن الحالة الذهنية للمريض ويبني جسراً بين المريض ومقدّمي الرعاية الصحية.
هناك أشياءٌ يجب تذكرها عند استخدام الفكاهة، ومنها: الحفاظ على الحدود مع المرضى، تحديد الوقت المناسب للفكاهة، لا تستخدم الدعابة التي يمكن اعتبارها مسيئة (النكات الجنسية والنكات حول العرق أو الثقافة أو السياسة أو الدين) وإذا انخرط المريض في دعابةٍ مُسيئة حاول إخباره بلطفٍ، أنك لا تستمتع بهذا النوع من الدعابة.
إبقاء المرضى سعداء ومبتسمين من أولويات الفريق الصحي، المرضى السعداء معدين ويُوجِدون جواً مبهجاً في أرجاء المستشفى.. لإبقاء المرضى سعداء علينا الاستماع لهم، سؤالهم عن حياتهم، البحث عن شيء للثناء عليهم، وجعلهم يشعرون بأهميتهم من خلال إخبارهم بأن ما يفعلوه يُثير إعجابنا.
عندما يكون لدى المرضى تجربة إيجابية، فهم أكثر ميلاً للثقة بالفريق الصحي وقبول العلاج، المرضى قد يمرون بأيامٍ سيئة، قد يكونون محبطين من حياتهم، قلقين بشأن مرضهم، يمرون بحالة مزاجية سيئة، لذا فإن الابتسامة الحقيقية تقطع شوطاً طويلاً في قلوبهم، فلماذا لا تشاركهم الابتسامة لجعلهم يشعرون بالترحيب وإخبارهم بأنك تُقدرهم.
عزيزي الممارس الصحي، المرضى هم جوهر ممارستك، والابتسامة يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في معاملتك معهم، اجعلهم يشعرون بالترحيب، ودعهم يعرفون أنهم محل تقدير، خصَّص بعض الوقت للحديث معهم وعنهم، الابتسامة والاحترام وجعل المرضى يشعرون بأهميتهم أشياء بسيطة تأتي دون تكلفة وتوجِد تقديراً متبادلاً بين الفريق الصحي والمرضى، وتذكّر أنه من المستحيل إسعاد الجميع طوال الوقت، وتبقى الشكاوى واردة في المجال الطبي.
ختاماً..
هل تعلم، في أي وقتٍ تضحك فيه على نكتة أو ترى أو تسمع شيئاً مضحكاً، فأنت في الواقع تمارس أسلوب حياة صحية؟ الاستماع والاستمتاع بالفكاهة والضحك يساعدان على الابتعاد عن السلبية في حياتك اليومية.