المشاهير وخطرهم بين مطرقة النجومية وسندان القوانين

أتاح الفضاء الواسع والفراغ الممتد في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) عبر وسائل التواصل الاجتماعي الفرصة لتنصيب الكثيرين أنفسَهم نجومًا يُحتذى بها؛ بل نموذجًا وقدوة؛ مستغلين بذلك عدم وجود رقيب على أطروحاتهم التي تعتبر في كثير من الأحيان خادشة للحياء والأدب، وتتنافى مع قيم ومبادئ راسخة توارثتها الأجيال جيلًا بعد جيل فكانت كنوزًا غالية.

هذه المُثل والقيم وضعها الأجداد وسار على نهجها الأبناء والأحفاد، وأطّرها المجتمع كسمات تُمَيزه عن غيره من المجتمعات.. وفي المقابل هنالك أطروحات جادة ونجوم أحبهم الجمهور، وتعاطى مع مخرجاتهم؛ لذلك نحتاج إلى تأطير هذه الأطروحات من خلال الرقابة الصارمة وإخضاعها للفحص والتمحيص ووضع القوانين الرادعة لها؛ لأنها خطر محدق قد يتسبب في تفكيك المجتمعات وتغيير المفاهيم، ويجب أن نعمل على توفير الحماية اللازمة للنشء من عبث وبحث بعض المهووسين عن النجومية، من أن يتغلغلوا بين مختلف الأوساط المجتمعية فيؤثرون عليها بسلبياتهم.

بدون أدنى شك نثمّن كل الجهود التي تحد من انتشار هذه الظاهرة؛ لكننا بحاجة إلى زيادة العمل الممنهج في هذا الإطار، فهذه القضية أكبر من كونها نافذة يطل من خلالها البعض على النجومية أو البحث عن مصدر رزق؛ القضية قضية أمة بأسرها في هذا العالم الفسيح والسهولة في الوصول إلى أكبر عدد من الشرائح المجتمعية.

منذ سنين طويلة نثق في مسؤولي قنواتنا الإعلامية الرسمية التي تقوم باستضافة الرموز والنجوم بعد دراستهم والإلمام بسيرتهم الذاتية والاطلاع على محتواهم الأدبي والثقافي.

وتُعد رخصة "موثوق" التي صدرت مؤخرًا، من أهم الضوابط التي تحد من الظواهر السلبية المتعلقة بالاختراقات والمخالفات الإعلانية بحيث أصبحت هناك عقوبات منصوص عليها قانونيًّا، وبموجبها يتم سحب الرخصة، وها نحن اليوم لا نستطيع التحكم والسيطرة على كل ما يُطرح (الجيد منه والرديء).

وعطفًا على كل ما تَقدم؛ فإن مسؤولية الإعلام المفتوح هي مسؤولية الجميع والتي تبدأ من الأسرة كرقيب أول ثم المسؤولين، في وضع اللوائح والقوانين على مشاهير برنامج "السناب شات" و"تويتر" والمنصات الأخرى، وعلى الشركات التي تقوم باستخدامهم كوسيلة لعرض منتجاتها، وهدفها فقط استهداف أكبر عدد من الجمهور؛ متجاهلين في ذلك أهلية من يقوم بهذا العرض ومتساهلين وغاضين البصر عن ماهية المنتج، بدون رقابة بما سيؤدي إلى ضياع الأمة.

وختامًا فإن مسؤولية نشر المحتوى الفكرة مسؤولية جماعية تقضي بتكاتف جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية للحفاظ على المجتمع من الآفات الفكرية الضارة التي قد تؤثر على المبادئ والقيم المجتمعية؛ وبالتالي يستمر تأثيرها على الأجيال.