الراحة النفسية والسعادة

تم النشر في

في كثير من المجالس والنقاشات يتناولون موضوع الراحة النفسية والسعادة، كيف يكون الإنسان مرتاحًا نفسيًّا؟ وكيف ومتى يشعر الإنسان بالراحة النفسية والسعادة؟ وأيهما يسبق الآخر؟ وهل السعادة فيما يملكه الإنسان من أموال وممتلكات وأبناء.. إلخ؟ أم في راحة البال من هدوء وسكينة؟ أم في الاثنين معًا؟

لا أريد الدخول في جدال فلسفي عن السعادة والراحة النفسية، وتعريفاتها العديدة عنهما وعن كيف نصل إلى الراحة النفسية والسعادة. وقد تختلف الآراء هنا وهناك، من إنسان لآخر، وقد تلتقي وجهات النظر، وقد تتباين، لكن لا يختلف أي إنسان في مدى أهمية الراحة النفسية والسعادة.

علينا أن لا نذهب بعيدًا، وأن لا نرهق أنفسنا في البحث عن السعادة والراحة النفسية.

ولا أريد أن أتناول آراء الفلاسفة والمفكرين الغربيين؛ فموضوع السعادة والراحة النفسية بين أيدينا، وكثير من الناس أدركوا هذه الحقيقة، والبعض قد تاه عنها.

إن الراحة النفسية والسعادة في الطمأنينة، التي نستمدها نحن المسلمين من عقيدتنا، من خلال أداء عباداتنا التي تجعلنا نشعر بالراحة النفسية والسعادة، كما قال تعالي: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} سورة الرعد. نعم، صدق الله تعالى عندما قال {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

وكلما ابتعد الإنسان عن الله، وانقطع عن أداء عباداته على الوجه الأكمل، أو أهملها، شعر بعدم الراحة النفسية، وبالتعاسة وبالقلق.. فتبعد عنه السعادة، ويبتعد عنها. وقد أكد كثير من علماء المسلمين هذه الحقيقة.

إن البعد النفسي والروحي له دور كبير في شعور الإنسان بالراحة والطمأنينة والسعادة.. فكم من أناس يمتلكون المال والجاه لكنهم أشد تعاسة، وأشد قلقًا، ويشعرون بعدم الاطمئنان عن حاضرهم ومستقبلهم؛ لأنهم بعيدون عن الله، ويهملون في عباداتهم، ويعيشون لأنفسهم غير مهتمين بغيرهم، حتى أقرب الناس إليهم لا يتواصلون معهم، ولا يسألون عنهم. هؤلاء هم أتعس الناس.

كما أن السعادة والراحة النفسية أيضًا في الحياة البسيطة، وفي التواصل مع الآخرين، وحسن الظن بهم، وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم، والشعور الطيب تجاه الآخرين.. والكلمة الطيبة يكفي أنها تصعد إلى الله تعالى، كما قال: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ والعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ}.

وأيضًا السعادة أن يثق الإنسان في نفسه، وفي قدراته الذاتية، ثقة كبيرة، وأن يعمل على تطويرها، والارتقاء بها، وأن لا يستهين بنفسه، وأن يقدم على التجربة بنفسه، تجربة أي مجال بنفسه، فمن التجارب الذاتية نتعلم كلنا، ومن الحياة البسيطة وأداء عباداتنا نطمئن ونسعد كلنا.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org