التجنُّب والهروب لا يحلان المشاكل

تواجه المجتمعات والشركات والأُسر، وكذلك الأفراد على المستوى الشخصي، مشاكل وعقبات وتحديات باستمرار.. وتتنوع المشاكل ما بين مشكلة بسيطة؛ معروفة حدودها وأسبابها ونتائجها.. ومشاكل معقدة؛ تؤثر على أطراف عدة؛ وتحتاج إلى تفكير عميق لإيجاد الحلول المناسبة.

البعض يستخدم أسلوب الهروب أو التجنب، وترك المشاكل معلقة بدون حل بحجة أن الزمن كفيل بعلاج تلك المشكلة، والحل يتحقق بشكل تلقائي. وهذا أمر مخالف للواقع والمنطق. كل مشكلة تحتاج إلى حل ومواجهة، وتطبيق أحد أساليب حل المشكلات من أجل الخروج بنتيجة مُرضية لكل الأطراف.

المشكلة هي حالة غير مرغوب فيها؛ واستمرارها يقود إلى وضع أسوأ؛ لذا وجب التعامل مع كل مشكلة بشكل مهني؛ يؤدي إلى إنهائها بأقل تكاليف.

كل مشكلة يجب أن يتم تحديدها بشكل صحيح.. يجب أن تتم صياغتها كما هي، والتعبير عنها بمفردات واضحة، تصفها تمامًا بدون غموض أو تغيير في المعاني؛ فكلنا يعلم أن المشكلة المحددة تُعدُّ نصف محلولة. بعد تحديد المشكلة تأتي مرحلة تحليلها، ومعرفة أسبابها من أجل الابتعاد عن تلك الأسباب مستقبلاً إذا كان ذلك أمرًا ممكنًا.

المعنيون بالمشكلة يجتمعون بعد ذلك لعملية عصف ذهني، يُكتب فيها كل الحلول، ويتم التركيز على الكم، ثم الكيف. يجب أن يكون هناك سيل من الأفكار والحلول والآراء ووجهات النظر من جميع الأطراف، ثم يكون بعد ذلك مرحلة الفلترة، وتقييم الحلول المقترحة كاملة من أجل اختيار الحل الأنسب والأفضل للجميع. علمًا بأن هناك فلاتر رئيسية تمرُّ من خلالها الحلول. والفلاتر هي: فلتر الدين؛ فكل حل لا يتوافق مع الدين والقيم والأخلاق مرفوضٌ. وهناك فلتر التقبُّل الذي يعكس موافقة الأغلبية. وهناك فلتر التكلفة والجهد؛ إذ إن كل حل يحتاج إلى جهد مناسب، وتكلفة معقولة ومنطقية؛ ليعدَّ حلاً مناسبًا. وفلتر الزمن يعد مهمًّا للغاية؛ لأن كل حل يأخذ وقتًا طويلاً، قد يتسبب في رفضه من قِبل أطراف المشكلة.

بعد التوصل إلى حل ملائم يجب أن يتوكل صانع القرار على الله، ويبدأ في تنفيذ ما تم إقراره والاتفاق عليه.

على الجميع الالتزام بذلك الحل، ومتابعة تنفيذه ما لم يظهر على السطح حلول أخرى تُعدُّ أفضل من الحل الذي تم اختياره شريطة موافقة أطراف المشكلة.

المُضي قُدمًا في تنفيذ الحل المختار يُدرِّب الجميع على الاستمرار، وعلى احترام قرارات المنظمة.

لا يوجد أسوأ من تجنُّب المشاكل أو الهروب منها؛ لأن ذلك يجعلها تكبر، وتتغلغل، ويصعب السيطرة عليها.. وكما نعلم، فإن كل مشكلة غير محلولة تقود إلى ولادة مشاكل جديدة.

المشاكل والتحديات جزءٌ لا يتجزأ من سيناريو الحياة، والفطن هو مَن يستوعب ذلك الأمر، ويؤمن به، ويكون مستعدًّا لكل مراحل الحياة وفصولها المتنوعة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org