رحيل الثقة أول خطوات رحيل الصحة

عندما تريد تحسين صحتك، أو طرح أسئلة حول رعايتك، أو مراجعة الطبيب بانتظام، فمن المهم أن تجد طبيبًا تثق به، ولتتلقى مستوى عاليًا من الرعاية يجب أن تثق في الشخص الذي يقدمها.

للأسف مستويات الثقة في الخدمات الصحية حول العالم آخذة في التدهور، وتنذر بعواقب قد لا تُحمد عقباها، لذا فالثقة في مهنة الطب يجب أن تكون في منأى عن أي نقاش على أي مستوى (خاصة الإعلامية) فالضحية هو المريض.

يتجنّب الكثير من الناس زيارة الطبيب إلا في أمسّ الحاجة، فعديد المرضى حول العالم لا يثقون في الأطباء أو أنظمة الرعاية الصحية، وبالتالي فإن العلاقة بين الطبيب والمريض ستعاني، والخاسر صحة المريض.

تقول الدكتورة سيلفيا كرويس أستاذة الطب في مركز التعليم الطبي بجامعة ماكجيل: "بدون الثقة لا يمكنك الشفاء حقًا"، "هل تسمح لشخص ما بجرح معدتك من أجل المال وليس من أجل مصلحتك؟".

بدون الثقة، يمكن أن تصبح التفاعلات بين الطبيب والمريض أشبه بمعاملات المستهلك في مركز التسوق، لكن تطوير هذه الثقة وجعلها آمنة، سيجعل المرضى أكثر تسامحًا مع زلات الأطباء البسيطة، وتجعلهم أكثر امتثالاً لما يقترحه الطبيب.

في عام 1966 أفاد أكثر من 75٪ من الأمريكيين بأنهم يثقون بالعاملين الصحيين، لتنخفض الثقة بحلول 2012 إلى 34٪، لتسوء في 2019 حيث قال 15٪ فقط من الأمريكيين بأنهم يشعرون بقدر كبير من الثقة في النظام الصحي.

في المملكة المتحدة، يثق 88٪ من البالغين في أطبائهم لإخبارهم بالحقيقة، مما يضعهم فوق المعلمين (81٪) والأساتذة (74٪)، والمهن الأخرى، ووجد استطلاع للرأي في 2010 أجراه Angus Reid Public Opinion، إن 40٪ من الكنديين يعتقدون أن الأطباء يهتمون بالمرضى بدرجة أقل من عِقد مضى.

الثقة القليلة قد تؤدي إلى تدني احتمالات اتباع المجتمع للسلوكيات الصحية، فالثقة هي حجر الزاوية في العلاقة بين الطبيب والمريض، بل إن المرضى الذين يثقون بأطبائهم يتبعون الخطط العلاجية، والنصائح الصحية، وزيادة الرضى، والاستمرار في رؤية طبيبهم نفسه، وبالتالي تقليل زيارات قسم الطوارئ.

مستويات الثقة المنخفضة يمكن أن تضر بكل الجوانب الصحية ومنها التجارب العلاجية، فمتى ما وجدت الثقة أصبح المرضى مستعدون لتجربة علاجات وتقنيات جديدة، (وجدت إحدى الدراسات أن مرضى السرطان الذين يفكرون في العلاج الكيميائي التجريبي، كانت الثقة في طبيبهم أحد أهم أسباب تسجيلهم في التجربة السريرية على قدم المساواة مع الاعتقاد بأن العلاج سيكون فعالًا).

ما يبعث على القلق أن مستويات الثقة المنخفضة يمكن أن تُضعف قدرة الحكومات ووكالات الصحة العامة على تقديم الخدمات الصحية، فقد أجرى الباحثون استبيانًا على الأشخاص في ليبيريا حول معرفتهم بالإيبولا، ومدى ثقتهم بالحكومة، ومدى احتمالية اتخاذهم الاحتياطات الموصى بها ضد الإيبولا، وقد وُجد أن الأشخاص الذين لم يثقوا في الحكومة كانوا أقل عرضة لاتخاذ الاحتياطات الموصى بها (لم يكونوا أقل اطلاعًا على فيروس إيبولا، ولم يكن لديهم المزيد من المعتقدات الخاطئة لقد وثقوا بدرجة أقل).

الاعتقاد بأن السعي لتحقيق الأرباح على حساب المرضى أحد أهم الأسباب لتضاؤل الثقة في النظام الصحي، الأمر الآخر هو الحملات الإعلامية ضد الأنظمة الصحية والفريق الصحي ربما أدت إلى زعزعة الثقة بالفريق الصحي، ناهيك عن فتح باب الفتوى الصحية في وسائل التواصل لكلّ مَنْ هَبّْ ودبّْ، ويبقى السؤال هل يمكن إعادة بناء الثقة؟

يعد الاتصال الواضح والشفاف مع المريض أمرًا مهمًا لبناء الثقة، كذلك الكشف عن تضارب المصالح، وخلق توقعات لعلاقات طويلة الأمد، وتعزيز المصالح المشتركة وإصلاح الخلاف مع المرضى، إضافة إلى تمكين المرضى من الوصول إلى ملفاتهم الطبية ومنحهم الشعور بمزيد من التحكم في رعايتهم وزيادة الثقة في مقدمي خدماتهم.

في جانب الأبحاث الشراكة مع المرضى والمجتمعات لمنحهم رأيًا أكبر في الأهداف يمكن أن تساعد في تخفيف الشعور بأن البحث يجري "عليهم" بدلاً من "معهم"، كذلك يجب على الحكومات أيضًا التفكير في استخدام المتحدثين الموثوق بهم أثناء الأزمات؛ لأن التصريحات الكاذبة الواضحة يمكن أن يكون لها عواقب على ثقة الجميع وخاصة المرضى في المؤسسات الصحية.

ختاماً.. الصحة هي أحد أكثر جوانب الحياة أهميةً للجميع، يجب أن تكون قادرًا على الوثوق بالطبيب الذي تناقش معه ظروفك الطبية، والتحدث عن مخاوفك الصحية، وإجراء التقييمات الجسدية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org