هل نحن جاهزون لاستقبال العالم؟

تم النشر في

كانت الأسابيع الماضية حافلة في تاريخ السعودية، وشهدت تحقيق العديد من المنجزات والمكاسب، من أبرزها الفوز بحق تنظيم كأس العالم 2034، وإكسبو 2030.

هذه الإنجازات الواضحة أدخلت البهجة والسرور في نفوسنا، وأكدت من جديد أن السعودية هي أرض المستقبل والفرص الواعدة.

نعم، فرحنا وسعدنا، وحُقَّ لنا الفرح؛ فهو إحساس طبيعي، ولاسيما أنه أتى نتيجة لجهود ضخمة وعظيمة، بذلتها جهات عديدة، كلٌّ في مجال اختصاصه، لكنَّ هناك تساؤلاً يطرح نفسه بشدة، ويجب أن نقف بكل شجاعة لنجد له الإجابة الشافية: هل نحن جاهزون في الوقت الحالي لاستضافة تلك الفعاليات بالشكل الذي يليق بالسعودية والسمعة الحسنة التي اكتسبتها خلال الفترة الماضية، وبما يحفظ الصورة الإيجابية التي انطبعت في الأذهان عن الإنسان السعودي، وقدرته على صنع التميز وإحداث الفارق؟

وحتى لا نخوض في مجرد حديث مرسل سأتناول الاحتياجات التي تستلزمها تلك الفعاليات بحسب قرب موعدها، فخلال أشهُر قلائل ستكون الرياض مقرًّا لأكثر من 70 شركة عالمية، استكملت إجراءات انتقالها لممارسة العمل من داخل السعودية.

هذه الشركات قطعًا تتبع أساليب عمل غير روتينية، ويعني عامل الزمن بالنسبة لها الشيء الكثير؛ فليس لديها وقت لتضيعه في إجراءات روتينية، فهل استكملنا كإدارات حكومية ما يتطلبه التعامل مع هذه المتغيرات؟ وهل يدرك القطاع الخاص حجم المكاسب التي يمكن أن يحققها في ظل هذه المعطيات والمستجدات؟

أما بقية الفعاليات الرياضية والاقتصادية والثقافية فهي تحتاج إلى جهد مضاعف حتى تخرج بالصورة التي تشرفنا، التي يتوقعها العالم الذي ارتفع سقف توقعاته من إبداعاتنا؛ فالرياض التي سيكون لها نصيب الأسد من استضافة تلك الأحداث تحتاج إلى عمل مضاعف؛ حتى تكون وجهة مشرفة للمملكة.

نحتاج لترقية وتطوير البنية التحتية للعاصمة، وأن نوجد حلولاً لمشكلة الزحام المروري الخانق، وذلك بالبحث عن حلول غير تقليدية، والتفكير خارج الصندوق؛ فالطرق الموجودة لم تعد تستوعب الأعداد المهولة من السيارات؛ لذلك لا بد من شق طرق جديدة، وإنشاء أنفاق وجسور، تعيد الانسيابية التي افتقدناها، وأن نسرع من وتيرة العمل في قطار الرياض الذي يمكن أن يسهم في تخفيف الزحام، وأن نزيد ثقافة استخدم وسائل النقل العام.

كذلك نحتاج إلى تطوير أنظمة تصريف مياه الأمطار ودرء السيول، وتجميل المشهد الحضري، والتخلص من الأحياء العشوائية والعمالة الفائضة التي تفترش الطرقات، وتقدم صورة غير حضارية.

وبصورة إجمالية، إننا بحاجة عاجلة إلى تجهيز بيئة إدارية وفنية وإجرائية موائمة ومشجعة.

نعم، ندرك أن هناك جهودًا كبيرة تبذلها أمانة الرياض لتجميل شكل العاصمة؛ حتى تكون مؤهلة لقيادة رحلة التحول والتنمية في السعودية، وتعزيز قيمتها كمركز تجاري إقليمي ذي ثقل اقتصادي، وجعلها وجهة سياحية، تتميز بمعالم تراثية ومواقع تاريخية، تزيد جاذبيتها، وتثري جودة الحياة فيها، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030.. ولعل أحدث الخطوات في هذا الشأن توقيع عقود إعلانات خارجية بقيمة تزيد على 16 مليار ريال، تهدف إلى تبنِّي هوية إعلانية موحدة، وتقديم تصاميم مميزة، تضفي بُعدًا جماليًّا للعاصمة؛ لتنسجم مع طبيعة السعودية وبيئتها، وتستوحي تراثها ومعالمها، ضمن مفاهيم متطورة ومعايير عصرية.. لكن هذا غيض من فيض، وخطوات في طريق مازال طويلاً، ومهما بعدت مسافاتها لا بد أن نقطعها حتى نثبت أننا على قدر التحدي، وأن نضع بصمتنا الواضحة في تنظيم تلك الفعاليات العالمية؛ لنحقق الوعد الذي قطعه سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، عندما قال: "إن السعودية سوف تُنظِّم نسخة غير مسبوقة في إكسبو الرياض 2030 بحيث تكون غير قابلة للنسيان".

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org