السجل العقاري والموثوقية

في عقود ماضية كان العقار السعودي متأرجحًا بين جهات حكومية عدة، تتنازعه في سَنّ الأنظمة والتشريعات التي تدير تداوله بيعًا وشراء، وتُرتّب أوراقه، وتحدد أولوياته؛ لذلك ظهرت سلبيات عدة، كان سببها الأول تضارب الاختصاصات بين هذه الجهات في مشهد حتم على الدولة إعادة النظر في القطاع العقاري السعودي.

وبقي الأمر على ما هو عليه سنوات طويلة إلى أن أعلنت السعودية إنشاء وزارة للإسكان عام 1432هـ، نجحت في إعادة ترتيب سوق العقار من جديد، وترسيخ استقلاليته، وتحديد مرجعيته.

يومًا بعد آخر حرصت الوزارة، ومعها الجهات الأخرى ذات الصلة، وعلى رأسها وزارة "العدل"، على تعزيز أنظمة العقار، وسَن القوانين والأنظمة لحفظ الحقوق العقارية، وصونها من الضياع أو التنازعات؛ وهو ما دفع الجهات المعنية إلى تعزيز السجل العقاري وفق تصورات إلكترونية حديثة ودقيقة، تضمن ملكية العقار لصاحبه، دون لبس أو ازدواجية.

ويبقى الجميل في السجل العقاري اليوم أنه لم يستثنِ عقارًا في السعودية إلا وشمله بخدماته النوعية من أجل تعزيز عموم الملكيات العقارية الحكومية والخاصة، بما في ذلك الأراضي التجارية والسكنية والزراعية.

وأستطيع التأكيد أنه لم يكن للسجل العقاري أن يحقق الأهداف المرجوة منه لولا أنه اعتمد مجموعة وثائق، تتضمن أوصاف العقار، وحالته الشرعية والمادية، إلى جانب الموقع، بدقة عالية، مع استخدام البيانات الجيومكانية، إضافة إلى الالتزامات والتعديلات التي تطرأ على ذلك تباعًا؛ ما يؤكد أنه يتواكب مع التغيرات والتحديثات التي يشهدها العقار.

السجل العقاري اليوم هو امتداد للسجل العيني الذي أعلنته السعودية عام 1423هـ في إطار سعي وزارة العدل لتطبيق الأنظمة المتطورة التي تنص على حفظ حقوق وممتلكات المواطنين. وتولى الإشراف على السجل العيني وزارتا العدل والشؤون البلدية والقروية آنذاك من خلال تسجيل كل الالتزامات المتعلقة بالعقار، باستخدام اللائحة التنفيذية للتسجيل العيني للعقار.

وبقدر ما كان "التسجيل العيني للعقار" إحدى أهم وأفضل المبادرات التي شهدها القطاع في وقت سابق، في إطار التحول الرقمي، بقدر التطور التقني الذي جاء به "السجل العقاري" اليوم؛ ليكون -من وجهة نظري- أكثر تطورًا وتحديثًا من ذي قبل؛ ليساهم في تداول العقار، وانتقال ملكيته بين المواطنين.. وهو ما يساعد في توفير المنتجات العقارية في الأسواق.

سهولة التعامل الإلكتروني مع السجل العقاري اليوم، وجدواه العملية، تؤكد حقيقة مهمة، هي أنه نظام موثوق، سيكون قادرًا على تعزيز القطاع العقاري، وانتعاش مشاريعه السكنية والتجارية، إلى جانب المساهمة في تداول العقار بضغطة زر واحدة، بأمن وأمان، دون خوف على ضياع الحقوق. هذا النظام نال ثقة الكثيرين؛ فأقبلوا عليه طوعًا لتسجيل عقاراتهم؛ لضمان ملكيتها لها.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org