"الإسلاموفوبيا" واستهداف السعودية

تم النشر في

تواجه السعودية منذ عقود حربًا إعلامية وسياسية شرسة، وغاية في الخبث والمكر، بذريعة دعمها لما يسمى بالإرهاب والعنف الإسلامي.

ويتم تشويه صورة السعودية، وصناعة الخوف والكراهية تجاهها إعلاميًّا، وإلصاق تهمة صناعة داعش لها؛ لا لشيء إلا لقيام حكامها وكيانها على الإسلام، وكونها مأرز الإسلام، ومهبط الوحي، ومَوطن الحرمين الشريفين.. فما نقموا منها إلا أن تقول ربي الله!!

ومع بداية صعود أوج السعودية عالميًّا عبر رؤية 2030 أصبح حقدهم ومكرهم أشد وطأ، وباتت صناعة الخوف والعداء تجاه الإسلام وقيمه "الإسلاموفوبيا"، وكل ما يمت له بصلة، لصيقة بالسعودية. صناعة عالمية، لها دولها ومنظماتها التي تعمل لتأجيجها ونشرها عالميًّا، سياسيًّا تارة، وإعلاميًّا تارة أخرى.

يشير التقرير الصادر عام 2018 عن مركز كارتر الأمريكي، بعنوان "مكافحة صناعة الإسلاموفوبيا.. نحو استراتيجيات أكثر فاعلية"، إلى أن الإسلاموفوبيا صناعة منهجية مؤسسية مناهضة للإسلام والمسلمين، وليست مجرد حديث فظ وخطاب كراهية عشوائي غير مدروس؛ فهي تعمل عبر عدد من المنظمات والأفراد وفق خطط مدروسة، وتمويل عالٍ، وتمثل إدانة انتقائية ضد المسلمين، وإسكاتًا لأصواتهم، وتنظر لمجرد التحدث بالعربية تهديدًا وتطرفًا، وتطلب منهم أن يعتذروا عن فظائع وجرائم لم يرتكبوها.

وتمتلك الولايات المتحدة وحدها ما يربو على 37 منظمة ومركز فكر وحركة مجتمعية، تعمل تحديدًا في صناعة الإسلاموفوبيا، من خلال الترويج للتحيز والكراهية والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين، عبر ذريعة مكافحة الإرهاب. يُضاف لها 37 منظمة أخرى مساندة للتوجه نحو كراهية الإسلام.

وتمتلك تلك المنظمات موارد ضخمة؛ إذ وصلت إيراداتها بين عامَي 2008 و2011 إلى ما يقرب من نصف مليار ريال سعودي، وفق الأرقام المعلنة، وما خفي كان أعظم!! وذلك وفق دراسة نُشرت عام 2014 بمجلة دراسات الإسلاموفوبيا، التي تصدر بالشراكة مع مشروع الإسلاموفوبيا للبحوث والتوثيق بجامعة كاليفورنيا.

وهذا فقط في الولايات المتحدة، فما بالكم ببريطانيا وفرنسا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.

وتمتلك هذه المنظمات شبكات تعاون وتنسيق معقدة، ظاهرة وخفية، مع عدد من القطاعات الحكومية الأمريكية، وتحديدًا وكالات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية وغيرها، وكذلك عدد من المؤسسات الإعلامية الغربية والعربية، عوضًا عن شركات صناعة السينما، كما تتغلغل في دوائر السياسة وصنع القرار الأمريكي والغربي، وتمتلك خبراء في العديد من المجالات الحساسة كالاستخبارات، والأمن، والسياسة، عوضًا عن الإعلام والاقتصاد، وعلوم النفس وسلوكيات المجتمعات.

كما تمتلك تلك المنظمات وشركاؤها قدرات عالية في بناء القدرات والتدريب، والتنسيق لحملات تجييش الرأي العام الغربي ضد الإسلام، وتمتلك بالطبع خبرات مميزة لشراء الذمم، وفق عمل مؤسسي داخل وخارج الولايات المتحدة.

ويكفي لمعرفة خطورة بعض هذه المنظمات على الإسلام أنها نجحت في جعل صناعة الإسلاموفوبيا أحد أعمدة الأجندة السياسية للعديد من الأحزاب الأوروبية، وخصوصًا الأحزاب اليمينية المتطرفة.

وقد نجحت صناعة الإسلاموفوبيا إعلاميًّا في بناء صورة ذهنية قاتمة ومشوهة للدين الإسلامي، وربطه بالتشدد والعنف والقتل، مع ربط ذلك بالمسلم العربي، وخصوصًا السعودي، بطريقة أو بأخرى.

كما اخترقت منظمات صناعة الإسلاموفوبيا الدراما حتى أصبح بينهما وئام وغرام وعشق كبير!!

وإذا ما رغبنا في أخذ مثال لأبرز الأفلام التي صورت المسلمين كإرهابيين قتلة فلا يمكن تجاوز الفيلم الأمريكي الحصار “The siege”، أو المسلسل الأمريكي الشهير الوطن “Homeland”، الذي حصل على العديد من الجوائز العالمية، ويعد أكثر الأعمال الدرامية عنصرية ومقتًا للإسلام والمسلمين، وتقع أحداثه في دول إسلامية وغيرها، وأبطاله من المخابرات والجيش الأمريكي، الذين يواجهون الإرهابيين الإسلاميين، وخصوصًا ذوي السحنة العربية، ولنقل بشكل أدق عرب السعودية والخليج!!

وهذا رأس جبل الجليد الذي يُخفي أسفله أضعافًا مضاعفة مما يظهر منه.

ويكفي لمعرفة خفايا هذا المسلسل أن العديد من طاقم الإخراج والإنتاج والتمثيل تربطهم علاقات وثيقة بالعديد من منظمات صناعة الإسلاموفوبيا، وبعض كبار ضباط الاستخبارات الأمريكية سابقًا.

أقف هنا لأقول إن هذه الحملات العالمية الشرسة والمقننة تجاه تشويه الإسلام والسعودية بذريعة الإرهاب لا يمكن مواجهتها بأعمال متفرقة هنا وهناك، بل تحتاج إلى رؤية استراتيجية موحدة، وعمل مؤسسي عالمي لتحسين الصورة الذهنية عن السعودية، وما يمس إسلامها.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org