يوم العَلَم.. ترسيخ الافتخار والتباهي
يستحق العَلَم السعودي الدعم الذي يناله من القيادة الرشيدة. ولعل كان آخره أمر خادم الحرمين الشريفين تخصيص 11 مارس من كل عام يومًا للعَلَم الذي لا يُنكس أبدًا.. وأستطيع التأكيد أنه قلما يجد عَلَم دولة أخرى حول العالم مثل هذا الدعم؛ ليس لسبب سوى أن عَلَم السعودية يحمل شعار التوحيد لله رب العالمين.
الأمر الملكي يشير إلى مضامين مهمة، ينبغي الوقوف عندما طويلاً، أبرزها أن هذا العَلَم دون سواه يحمل في ألوانه وتصاميمه الفنية على مَرّ العصور تاريخًا متكاملاً لأكبر تجربة توحيد شهدها التاريخ الإنساني الحديث. هذه التجربة حوّلت الجزيرة العربية بأطرافها المترامية من مناطق متنازعة، تعاني الجهل والفقر والمرض، إلى واحة خضراء، يشع منها نور الحضارة والتقدم والازدهار، بقيادة آل سعود، تلك الأسرة التي أعات كتابة تاريخ المنطقة بالصياغة التي ترضيها، وتتناسب مع همة المواطن.
من الخطأ أن ننظر إلى العَلَم على أنه راية قماشية ملونة، ترفرف فوق المباني والمنشآت والشوارع والميادين كلما احتفلنا بمناسبة وطنية ما، وإنما هو في السعودية رمز للعقيدة الإسلامية السمحة، ورمز للوطن الذي يجمعنا، كما أنه رمز للشعب السعودي، الذي خط بسواعد أبنائه تاريخ بلاده عبر نحو ثلاثة قرون، شهدت قصصًا وبطولات، شارك فيها حكام آمنوا بربهم، وعاهدوه بأن ينشروا عقيدة التوحيد في الجزيرة العربية، وكان لهم ما أرادوا وأكثر.
وفي الحالة السعودية كل شيء في العَلَم له معناه، ودلالاته الرمزية، بداية من اللون والحجم والزخرفة، وهو ما ذكرته المراجع التاريخية عندما كشفت عن قصة ظهور العَلَم السعودي وبدايته حين حمل حكام آل سعود الراية، ونشروا الدعوة، ووسعوا مناطق نفوذهم إبان الدولة السعودية الأولى، باعتبار ذلك رمزًا للوحدة والتوحيد والبيئة والأرض.
وعندما تُوجِّه القيادة الرشيدة بتخصيص يوم سنوي للاحتفاء بالعَلَم السعودي فهي هنا تسعى إلى تعزيز الولاء والانتماء إلى هذا الوطن، وترسيخ الافتخار والتباهي بأمجاده الضاربة في جذور التاريخ، والتأكيد لمن يهمه الأمر أن هذا التاريخ صنعه الإنسان السعودي متسلحًا بعزيمة لا تلين، وإرادة من فولاذ، وأن هذا الإنسان قادرٌ على مواصلة مشوار الأجداد، وهو ما تحقق اليوم على يدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي أهدى الوطن رؤية 2030؛ فحوّل من خلالها بوصلة البلاد صوب التقدم والازدهار العالمي، باعتراف المنظمات الدولية، التي رأت أن السعودية تعيد اكتشاف "السعودية الثالثة"، والبداية من آخر نقطة وصل إليها المبدعون في العالم.
أقول وأردد: إن ما تشهده السعودية اليوم هو إعادة جديدة للتاريخ السعودي الحديث. وفي هذا التاريخ صفحات منيرة، يُظهر فيها المواطن السعودي عظمة تاريخه، وقصص أجداده، والمراحل والتحديات التي واجهت هذه البلاد الطاهرة، حتى تعلن نفسها اليوم دولة متطورة وحديثة، يُشار لها بالبنان.