ليموزين الرياض.. واجهة غير حضارية

تم النشر في

تعتبر سيارة الأجرة أو "الليموزين" أول مشهد يراه المسافر عند دخوله لأي مدينة بمجرد انتهائه من إجراءات الجوازات ومغادرة صالة الوصول، لذلك فهي أشبه ما يكون بالعامل الذي يحدد الانطباع الأولي الذي يلتصق بالذاكرة، كما أن سائق هذه السيارة يمثل الدليل السياحي الأول الذي يتعامل معه الزوار لمعرفة تفاصيل المدن وأماكن الفنادق أو المطاعم ومراكز التسوق. وعلى هذا الأساس فإنه يمنح ركابه صورة ذهنية إيجابية أو سالبة عن المدينة.

إذا نظرنا من هذه الزاوية سنجد أن وضع سيارات الأجرة في السعودية بالغ السوء ويشهد فوضى عارمة يمكن أن تجهض كافة الجهود المبذولة لتطوير السياحة الداخلية وذلك لعدة أسباب، فمعظم سائقي الليموزين يفتقدون إلى أبسط اشتراطات النظافة الشخصية، ويجهلون طريقة التعامل المتحضر مع الركاب، ولا يهتمون براحتهم أو احتياجاتهم ويكون كل تركيزهم منصبا في رفع قيمة الأجرة.

كذلك تبرز مشكلة عدم وجود زي موحد وأن معظم للسائقين العمل يعملون وهم يرتدون الملابس الرياضية أو بيجامات النوم في بعض الأحيان، بغض النظر عن نظافتها أو نظافة السائقين أنفسهم.

كذلك تظل الثرثرة مشكلة رئيسية تلازم غالبية سائقي سيارات الأجرة مع أقاربهم في بلادهم أو أبناء جلدتهم من خلال الهواتف الذكية، فالسائق في كثير من الأحيان يظل يتحدث طيلة مدة الرحلة. وإذا حاول الراكب تناول أطراف الحديث معه فإن هذه مشكلة أخرى حيث يبدأ على الفور في كيل الشتائم لكفيله صاحب المؤسسة الذي يفرض عليه مبلغا ماليا باهظا، وأنه كثيرا ما يعجز عن تحصيله بسبب تزايد سيارات الأجرة، وبذلك يسهمون في تقديم صورة ذهنية سيئة عن المواطن السعودي واتهامه بالجشع والاستغلال.

أما إذا أحجمت عن الحديث معه ولم تكن هناك محادثة هاتفية تشغله عنك فإن المشكلة الأخرى التي قد تواجهك هي أنه سيلجأ إلى تشغيل الأغاني أو البرامج الإذاعية حيث تجد نفسك مضطرا لسماع أشياء بلغات لا تفهمها لتصبح كما يقولون مثل "الأطرش في الزفة".

إذا تطرقنا للأسباب التي تتسبب في تردي أوضاع الليموزين نجد أن الشركات مسؤولة عن الجانب الأكبر في هذا الوضع بسبب تركيزها على استقطاب سائقين من جنسيات معينة وتحجم عن منحهم أجورا مناسبة، وفي المقابل لا تبذل هذه الشركات أي جهود لترقية مظهر السائقين أو تدريبهم على التعامل الراقي مع الركاب.

هذا الوضع يجعل سائق الليموزين كأنه في سباق مع الزمن، لذلك لا يتورع عن ارتكاب كافة أنواع المخالفات لأن تركيزه موجّه فقط نحو الحصول على أكبر عدد من الزبائن، فتجده يتوقف في أي مكان لالتقاط الركاب، ولا يتردد في مضايقة بقية السيارات أو المشاة لكسب الزمن.

أولى خطوات الحل تكمن في دمج العدد الكبير من المؤسسات الفردية وإنشاء شركات كبرى تكون أكثر قدرة على تحقيق التنظيم المنشود، وإقامة دورات متخصصة للسائقين عن أساسيات التعامل مع الركاب، واشتراط حصول السائقين على شهادة باجتيازها، وتحديد زي موحد نظامي لهم، وإلزام الشركات بتسليمهم رواتب شهرية. إضافة إلى التشدد في اشتراط عمر معين للسيارات والاهتمام بنظافتها وصيانتها، على أن يتم تحديد الأسعار عن طريق العدادات وليس بالاتفاق بين الطرفين لتجنب الاستغلال.

أما الحديث عن سعودة هذا القطاع في الوقت الحالي فهو يفتقد إلى المنطق، لأنه إذا كان هذا القطاع منفرا لأولئك المساكين الذين يضطرون للعمل فيه بالشروط المجحفة الحالية فإنه بدون شك أكثر تنفيرا للشباب السعودي الذي يبحث بالتأكيد عن ظروف عمل أفضل تتيح له تحقيق أحلامه وتلبية تطلعاته.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org