لماذا الإبل؟!

تم النشر في

فئة قليلة منا حينما أقول لهم "تفكيركم عكس تفكير المجتمع" يتبادر إلى أذهانهم هذا السؤال: ما هو معكوس كلمة عكس؟! فيا مَن ستقرأ هذا المقال، إذا كنت تتساءل مثلهم، ولم يتبادر إلى ذهنك كلمات مثل (نظير، مشابه ومثيل... إلخ)، فنصيحتي لك أن تغيِّر طريقة تفكيرك؛ لكي نتجنب الجدال، ونناقش هذا الموضوع بحيادية وشفافية مُطلقة.

وأنا هنا أكتب لكم هذا المقال لهدف واحد فقط، هو أن نحتكم بما فيه بعقولنا لا بعواطفنا.

وما سأكتبه سيكون منطقيًّا للفئة التي تستخدم العقل والمنطق للوصول للحقيقة.

وقبل البدء أود أن أُنبِّه إلى أن مقالتي هذه موجَّهة فقط لمن يفكرون بطريقة عكسية؛ ليروِّجوا لفرضيات أجنبية بهدف مهاجمة الإبل.

والغاية من ترويجهم لهذه الفرضيات هي تضليل مَن يسهل التلاعب بتفكيرهم.

ومع أن كلي ثقة بأن مجتمعنا مجتمع واعٍ إلا أن توضيح مثل هذه المسائل واجبٌ وطني.

والسبب الرئيسي أنهم بمهاجمة الإبل لن ولم يُقدِّموا الحلول التي تخدم المصلحة العامة، وإنما سيهاجمون موروثنا بنقدهم اللاواعي، ومعلوماتهم الخاطئة عن الإبل، التي استسقوها من المجتمع الغربي؛ فتأثروا بها، وصدَّقوها.

هذه الفئة القليلة في مجتمعنا فكرها معوج، ولن يروا الحق حتى ترى الإبل اعوجاج رقابها.

والسبب أن جميع استدلالاتهم لم تكن على أساس علمي، وإنما كانت قائمة على التعصب العاطفي.

وللأسف، سبب تماديهم بمهاجمة الإبل هو أنهم لم يتعوَّدوا على أن يُقال لهم "معلوماتكم غير دقيقة؛ وعليكم أن تنسبوا فشلكم إلى أسباب أخرى غير الإبل".

من هنا سوف أقوم بسل سيف أفكاري؛ لإيقاف كل مَن تسول له نفسه قذف الإبل بأمور ليست فيها، أو بمعلومات لم يأتِ بها من دراسة محلية وموثوقة، ومن جهات محايدة.

وسأكتفي بالحديث فقط عن الجانبين: البيئي والطبي. ففيما يخص الجانب البيئي، معظم المهاجمين قاموا باتهام الإبل بأنها السبب الرئيسي وراء مشاكل الغطاء النباتي. وسؤالي هنا لهم: هل قمتم بوضع دراسة شاملة ومحليه على ما تقولون؟ أم إنكم انطلقتم للأخذ بالدراسات الأسترالية والأوروبية وغيرها؟ الجواب جميعنا يعلمه، وهو أنهم أخذوا بدراسات مجتمع قام بنقل الإبل من جزيرة العرب وشبه الجزيرة الهندية وإفريقيا لأغراض اقتصادية بحتة؛ وهذا الأمر هو الذي تسبب باخلال التوازن البيئي في منطقتهم.

وعلميًّا، مثل هذه الدراسات لا تُعتبر صحيحة، ولا يُستند إليها.

والأولى بهؤلاء أن يقوموا بمهاجمة مَن قاموا بالدراسة في أستراليا، وأن يسألوا المجتمع الأسترالي هذه الأسئلة: ما هو الحيوان الذي ساعد في إنشاء التلغراف للربط بين أديلايد عاصمة الجنوب الأسترالي وداروين عاصمة الشمال الأسترالي؟ وما هو الحيوان الذي ساعد في إنشاء سكة الحديد بين مدينة أديلايد وأليس سبرينغز في أستراليا؟ الإجابة لهذين السؤالَين هي الإبل. وغيرها الكثير، ولكن هذا غيض من فيض فوائد الإبل في أستراليا فقط.

وأما ما يخص الجانب الطبي فسأكتفي بحليب الإبل. ولكي أُبسّط المعلومة على القراء لن أستخدم المصطلحات الطبية، وسأكتفي بقول إن القيمة الغذائية لكأس واحد من حليب الإبل يعادل ٤ إلى ٥ كؤوس من حليب البقر. وإضافة إلى ذلك، الكثير من التجارب والدراسات والأبحاث تقول إن حليب الإبل يساعد في التخفيف من أعراض التوحد لدى الأطفال، وكذلك يساعد في إنقاص نسبة السكر في الدم بتقليل نسبة مقاومة الإنسولين، وهو معزز للمناعة وصحة القلب.. وغيرها الكثير من الفوائد.

لن أطيل عليكم، وسأختم مقالتي لكم بأن الإبل مخلوقات، قال الله سبحانه وتعالى فيها {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت}. وهذه رسالة ربانية موجَّهة لنا.. فمجرد النظر لهذا المخلوق هو طاعة لله -عز وجل-.

وأنا على يقين تام بأن الذين سيقومون بتكثيف دراساتهم على الإبل سيجدون من الأسرار الشيء العجيب.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org