الموت مضاعفات يمكن الوقاية منها

تم النشر في

هناك العديد من الهجمات على الأطباء والممرضات والعاملين في مجال الرعاية الصحية لدرجة أن البعض يصفهم بالقتلة، في وقت يبذل هؤلاء الأطباء قصارى جهدهم لإنقاذ المرضى، ويعملون في أوقات غريبة وظروف مُجهدة وبنية تحتية ربما سيئة، وزمن قد يصل لـ36 ساعة متواصلة.

الطب فن غير كامل وليس علمًا مثاليًا، ومن الخطأ توقّع الكمال والنتائج المبهرة، ولا يمكن لأحد أن يضمن الصحة، كذلك من الصعوبة تجنّب المضاعفات، والتي قد تلعب دورًا مهمًا في رفع دعوى ضد سوء الممارس الطبي.

إن ثقافة اللوم والذم، التي تشجع الأطباء على إخفاء الأخطاء وإنكارها، جعلت أي خطأ فشلاً لا يطاق، إلى جانب افتقار كثير من أفراد المجتمع للتسامح مع المعالجة والوفيات الحتمية (لم يعد الموت نتيجة محتملة لمرض لدى البعض، بل مضاعفات يمكن الوقاية منها!).

تركز معظم المناقشات حول تحسين الجودة وخفض تكلفة الرعاية الصحية وخفض تكاليف الأدوية والإمدادات، ولكن هناك مجال واحد يكلف مليارات الدولارات سنويًا نادرًا ما يتم ملاحظته (الطب الدفاعي)، الطب الدفاعي أو اتخاذ قرارات لمنع الدعاوى القضائية بدلاً من البحث عما هو أفضل للمريض.

مالياً يكلف الطب الدفاعي نظام الرعاية الصحية ما بين 50 مليار دولار و65 مليار دولار سنويًا، وفقًا للمجلة الغربية لطب الطوارئ، ويكلف نظام المسؤولية الطبية في الولايات المتحدة 55.6 مليار دولار سنويًا، وفي إيطاليا قدرت تكلفة الطب الدفاعي بحوالي 10-12 مليار يورو سنويًا.

يعرف الطب الدفاعي بأنه ممارسة التوصية بالاختبار التشخيصي أو العلاج الذي ليس بالضرورة أن يكون الخيار الأفضل للمريض، لكنه الخيار الذي يحمي الطبيب من شكاوى المريض.

هناك الطب الدفاعي الإيجابي (عندما يقدم الأطباء الكثير من الرعاية مع الاختبارات المفرطة، أو الإفراط في استخدام الموارد، أو الطلبات المتعددة أو الإحالات)، أما الطب الدفاعي السلبي (عندما يقدم الأطباء القليل من الرعاية عن طريق تجنّب أو إحالة أو نقل المرضى المعرضين للخطر).

تصور الأطباء سهولة رفع دعاوى قضائية من قبل المرضى وأقاربهم بسبب أو بدون سبب أحيانًا، والسعي للحصول على تعويض عن الأخطاء الطبية المفترضة أدى لانتشار ما يُعرف بالطب الدفاعي على نطاق واسع بين الممارسين الصحيين بمختلف درجاتهم الوظيفية، ونتج عن ذلك عواقب وخيمة على المرضى والأطباء وتكاليف الرعاية الصحية.

يُمارَس الطب الدفاعي منذ عقود، وانتشر في بلدان كثيرة حول العالم ليصبح وباءً، حيث يمارسه معظم الأطباء بدلاً من مجرد علاج مرضاهم وينصبّ جُل اهتمامهم على التفكير فيما يجب فعله وتوثيقه لحماية أنفسهم في حالة رفع دعوى قضائية ضدهم، مما ينتج عنه ساعات من الوقت والجهد الضائع والمليارات من الأموال المهدرة للرعاية الصحية، والكثير من الفحوصات والإحالات المتخصصة غير الضرورية.

الخوف من الشكوى أدّت لزيادة ممارسة الطب الدفاعي فوفقًا لـ"Medscape Surgeon Malpractice Report 2021" تم تسمية ما يقرب من 77 بالمائة من الجراحين في دعوى قضائية طوال حياتهم المهنية، حيث قال 65% من الأطباء الذين تمت مقاضاتهم إن السبب الرئيسي للدعوى يتعلق بالجراحة ومضاعفات العلاج، وقال 82% إنهم شعروا أن الدعوى لم يكن لها مبرر، وقال 38% إنهم فوجئوا، في حين أفاد 39% أن القضية تمت تسويتها قبل الذهاب للمحاكمة، وقال 17% إن القاضي أو هيئة المحلفين انحازوا للأطباء، وقال 3% فقط من الأطباء إن القاضي أو هيئة المحلفين أعادوا الحكم لصالح المريض.

ختاماً..

الطب الدفاعي هو نتيجة لأزمة عميقة في العلاقة بين الفريق الصحي والمرضى وذويهم، ولا يمكن للطب أن يكون أبيض وأسود، فالأطباء يقررون خططهم العلاجية على أساس البيانات المتوفرة، مرددين اللهم أنت الشافي المعافي اشفِ كل مريض.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org