امحها يا علي!!

تم النشر في

في صلح الحديبية، وبعد سجالات عدة، اتفق الطرفان على الصلح، الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفار قريش، ويهدف إلى أن يحج المسلمون البيت الحرام. وقد اختار المشركون سفيرًا لهم، هو: سهيل بن عمرو؛ لعقد الصلح.

وبعد الاتفاق على قواعد الصلح قال -صلى الله عليه وسلم-: "هات اكتب بيننا وبينك كتابًا"؛ فدعا الكاتب، وهو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقال: "تكتب بعد باسمك اللهم، هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو"، فاعترض سهيل بن عمرو وقال: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسيدنا علي: "امحها يا علي، واكتب محمد بن عبدالله"، فقال علي -رضي الله عنه-: "والله لا أمحها أبدًا يا رسول الله"، فقال صلى الله عليه وسلم: "هاتها يا علي"، فمحاها بيده عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يعلم تمامًا أن عليًّا لن يمحو كلمة رسول الله.

فمن خلال هذه القصة أصبحت هذه الكلمة "امحها يا علي" قاعدة إدارية في فن التفاوض، ومهارة قَلَّ مَن يدرك أهميتها، بل أصبحت أيضًا قاعدة مهمة في التواصل بين الأطراف.

ومن المزيد أيضًا أنها قاعدة فقهية (فقه المصلحة)؛ إذ تم الاستغناء عن أمر لكسب مصلحة أكبر في المستقبل.

فكيف تستطيع أن تمتلك مهارة فن التنازل، الذي تكسب بعده أهدافًا كبرى، وبعمق أكثر في المستقبل!

من الإرشادات التي قدمتها "هارفارد" في فن التفاوض للوصول إلى موافقة الطرف الآخر "فن إدارة المشاعر". فالشخص الذي يتحكم بعواطفه ومشاعره لديه قدرة أكبر في الإقناع والتأثير أيضًا.

همستُ في نفسي: التفاوض مهارة إدارية، ومن صميم مهارة التواصل مع الآخرين.. فهي تساهم في بناء العلاقات مع الأشخاص، والتعامل معهم، والاستماع الفعال لهم.. مع طرح الأسئلة الفعالة بمهارة، ومشاركة وجهات النظر والآراء؛ للوصول لحل، أو درء المشكلات مع اتخاذ القرار الأمثل، والسيطرة على المشاعر والانفعالات.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org