خطر الحروب.. والضحايا العقول
إن أخطر الأسلحة تلك التي تستهدف العقول، فإذا كان العقل هو المستهدف الأول فسيلي ذلك الوعي والإدراك، والقلب، والأخطر من ذلك ستستباح النخوة والشهامة والأعراض، وتُدمر كل معايير الإنسانية ومقوماتها المادية والنفسية.
وما أغلى الثمن (ثروات الأمة ومستقبلها: شبابها) الذي تدفعه الدول المستهدفة المحارَبة.
إننا أمام خطر داهم، ومعركة يجب أن نخوضها جميعًا، أهمها قضية الوعي والفهم والإدراك. وتلك عناصر تغيب عن الكثيرين للأسف.
وتحمل السعودية العبء؛ لتحمي ثغورها وحدودها، وتبذل كل غالٍ ونفيس لرفعة ونجاح وصحة أبنائها، وتعليمهم وتثقيفهم، وشحذ همم النابهين منهم، في الوقت الذي يتقلص فيه دور البيت، ويغيب دور المدارس والجامعات، وتكون النتيجة انخراط شباب صغير في شراك المخدرات وخداعها؛ لذا يجب أن تُستنفر الهمم لمواجهة هذا الخطر الداهم القاتل، ويكون الاستنفار جماعيًّا، بل أمميًّا.. فمنذ 5 سنوات قضت المخدرات على مليار إنسان، إضافة لمئات المليارات كخسائر اقتصادية، وكذلك أضعاف تلك المبالغ لعلاج آثار المخدرات صحيًّا ومجتمعيًّا وأمنيًّا وثقافيًّا وعلميًّا.
الحملات الأمنية الأخيرة أراها عملاً جديرًا بالتقدير والاحترام والدعم.. مع أنني أؤمن بأهمية المواجهة الشاملة والمبتكرة، فإذا كان هناك عقاب أمني رادع فيجب أن يكون هناك عمل توعوي جاد بخطورة المخدرات على الاقتصاد والصحة العامة، وأن من ينقلون ويتاجرون فيها إنما هم أدوات لأعداء خارجيين، يستهدفون بلادنا في ثروتها البشرية، وهذه الدولة الغالية التي تبذل كل غالٍ ونفيس لمواجهة هذا الخطر الداهم بحملات في كل مكان بالسعودية للقضاء على البؤر الإجرامية وأوكارهم.
ومن يقفون مكتوفي الأيدي دون حراك وهم يتسترون على التجار والمتعاطين.. جميعهم شركاء في الجرم.. فيجب أن أدعم وندعم الحملات الأمنية، التي هدفها تطهير البلاد من المخدرات.
ويتردد أن هناك توجهًا لإجراء تحليل وكشف عن المخدرات للمقبلين على الزواج، ولا يمكنني أن أحكم على جدوى هذا التوجه؛ لأنني أتوجس خيفة من فشل التجربة، وربما صعوبتها؛ فهناك الكثير من وسائل الاحتيال على تلك التحاليل؛ ومن ثم لا فائدة.
ويمكنني أن أنقل متابعتي لعدد من الدول لنقل تجاربهم في مواجهة المتعاطين للمخدرات، خاصة بين شرائح السائقين لحافلات المدارس أو سيارات النقل والقطارات، بأن تُجرى التحاليل وقتيًّا، وتظهر النتائج في دقائق معدودة، من خلال أجهزة صغيرة دقيقة كاشفة عن المخدرات وأنواعها في سرعة ويُسر.
إن دور البيت قد تقلص بشكل كبير نتيجة لضغوط الحياة وسرعة وتيرتها، إضافة لغياب الدور الإعلامي، وسط حالة الهوس في وسائل التواصل الاجتماعي الضاغطة على عقول الشباب.. كما غاب دور المدارس والمعاهد والجامعات. وهنا لا أقصد التعليم والإرشاد المباشر المنفر الذي تأباه عقول الشباب. فيجب أن يتم إحياء المبادرات الجماعية التي تواجه المخدرات في البيت والمسجد والمقهى والمدرسة والمستشفى والجامعة، في كل مكان؛ فلا أغلى من عقول أبنائنا، مستقبل البلاد وثروتها الحقيقية.