العمل المرن.. ثقافة جديدة في سوق العمل السعودي

يتغير سوق العمل مع مرور السنوات، تكيفا مع المتغيرات التي تحصل حول العالم، خاصة التطورات التكنولوجية، التي عصفت بالمؤسسات والمنشآت الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، على حد سواء، ونتيجة لهذه التغييرات، انطلقت المملكة العربية السعودية في تطبيق تطوير تنظيم العمل المرن كثقافة جديدة في سوق العمل السعودي، وتم تنظيمها ووضع هيكلة واضحة لتطبيقها، وهذا يعود بالنفع على الموظف والمنشأة.

من المؤكد أن لهذا التطوير فوائد كثيرة، خاصة بعد أن أصبحت جميع الدول قرية عالمية واحدة. وبحسب بعض الدراسات، من المتوقع أن تشهد الهند والصين الزيادة الأكبر في إجمالي القيمة المضافة نتيجة اعتماد تنظيم العمل المرن، ليسجل اقتصاد البلدين زيادة في إجمالي القيمة المضافة بنسبة تصل إلى ما بين 193 و141 في المئة على التوالي. كما تحقق الصين أعلى مكاسب محتملة من حيث توفير الساعات، مع استعادة ما يصل إلى 1.4 مليار ساعة من زمن التنقل بفضل اعتماد مفهوم العمل المرن.

ولا يمكن حصر فوائد العمل المرن على الجانب الاقتصادي، بل يعمل على تعزيز الموازنة بين ظروف العامل وساعات العمل، والذي ينعكس إيجابا على أدائه وإنتاجيته، ومن خلال تنظيم العمل المرن في المملكة، ستتوفر الفرص الوظيفية للكوادر الوطنية في المناطق ذات الوظائف المحدودة، وفي المقابل أيضا، يسهل للشركات توظيف سكان هذه المناطق بعمل مرن يحقق التوازن في السوق ويعزز التنمية الاقتصادية في تلك المناطق.

كما ستتمكن المنشآت من تقديم خدماتها لفترات أطول لعملائها، خاصة في المواسم وأوقات الذروة، وكذلك من تعويض أعداد الموظفين في المهام الرئيسية عند وجود أي نقص طارئ.

أما الخبرات العملية، فسيكون الحصول عليها سهلا مع هذا التنظيم، والذي لا يشترط وجود الخبرات السابقة، وسيتمكن العاملون من زيادة دخلهم بحيث يمكن لهم الجمع بين عقد عمل أصلي وعقد عمل بنظام العمل المرن كوظيفة إضافية.

ويساعد العمل المرن على تحقيق التوازن المثالي بين التطور المهني والأكاديمي، مما يعزز من قدرة الطلاب على الاندماج في سوق العمل دون التأثير على مسارهم التعليمي، بالإضافة إلى ذلك يضمن تنوع الخيارات المتاحة للباحثين عن العمل، حيث يستقبل جميع المهن والقطاعات التي تخضع للتسجيل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

ويقدم تنظيم العمل المرن مزايا جاذبة تشمل رفع جاهزية الباحثين عن عمل، تمكنهم من ممارسة المهارات المهنية اللازمة، وتقليل تكاليف التوظيف، كما يوفر وظائف للعاملين الراغبين بزيادة دخلهم عبر تنظيم تعاقدي مرن يكون الأجر فيه على أساس الساعة، وهو ما يضمن حقوقهم.

إن العمل المرن هو المستقبل بقوته الاقتصادية والاجتماعية، ولا بد للشركات والأفراد من اعتماده خلال السنوات المقبلة. العمل المرن بأنواعه المختلفة يفتح فرص جديدة للموظفين وأيضا للمنشآت، وتطبيقه يتماشى مع حاجيات الطرفين -الموظف والمنشأة- ويتيح أيضا فرصا للاستفادة من أصحاب الخبرات في أعمال مرنة دون الخروج من أعمالهم الرئيسية.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org