كيف تستعيد أدمغتنا عافيتها؟

تم النشر في

أدمغتنا كغيرها من أعضاء الجسم تتعرض للإصابة أو المرض ولكن متى تستعيد عافيتها بعد الإصابة ؟

خَلُصت البحوث العديدة إلى أن الدماغ يميل الى التعافي التلقائي بعد الإصابة بصورة كبيرة وسريعة في الأسابيع والأشهر الأولى بعد الأصابة وقد اُستخدمت مبادئ المرونة العصبية لإرشاد برامج إعادة التأهيل لمساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للضررفي الدماغ .

لذلك فإن توقيت برامج وأنشطة إعادة التأهيل بعد إصابة الدماغ عامل أساسي في نجاحها ومساعدة على استعادة الدماغ لوظائفه المعرفية والبدنية المهمة ويبدو أن العوامل البيولوجية المختلفة التي تشجع على نمو خلايا عصبية وتجديد مسارات جديدة تُحفز في مدة زمنية ضيقة نسبياً بعد الإصابة لذلك يهتم الأطباء بالساعات والأيام والأسابيع الأولى على أنها أكثر أهمية في تعافي الشخص.

بالإضافة الى أن التدخل في مرحلة حادة هو أمر حاسم ففي حالات السكته الدماغية يساعد التصرف السريع في التحكم في ضغط الدم الى تفادي العواقب الوخيمة ويساعد في تحسن نتائج الشفاء.

ومثلما يحتاج الأطفال الصغار الى بيئة غنية ومحفزة لتحقيق أقصى قدر من التعلم والنمو يحتاج الأفراد الذين تعرضوا لإصابة في الدماغ الى التحفيز والى ممارسة التمارين مراراً وتكرارً في مهام تهدف لتحسين القدرة المعرفية والبدنية .

تؤثر طبيعة وشدة الإصابة وتركيبته الوراثية  في تحديد مدى استجابته للتأهيل ومدى تأثر الدماغ عند الإصابة .

 ذكر د.فيرجس جراسي خبير علم النفس والأعصاب السريري في كتاب الدماغ ومالقدر الذي نحتاجه ، أنه من المثير للإهتمام أن البيئة الإجتماعية والعوامل العائلية والأُسرية التي تحيط بالفرد تؤثر بشكل كبير وتحدث فارقاً كبيراً في إعادة التأهيل للدماغ كما يؤثر أيضاً في ذلك المستوى التعليمي والثقافي السابق للإصابة ولذلك قد يختلف تأثر الفرد عند إصابته في الدماغ كطبيب في مجال جراحة المخ والأعصاب نلحظ تأثر البعض خصوصاً في الإصابات الرضية التي تصيب الدماغ بشكل كبير والأخر بشكل طفيف أو لايتأثر وذلك يرجع الى عدة عوامل كما ذكرها.

وذكر د.راما شاندران في كتابه أشباح في الدماغ أنه خلافاً -لما يتم تدريسه في الكتب الدراسية- أن مسارات جديدة ودقيقة للغاية وفعالة وظيفيا يمكن أن تظهر في أدمغة البالغين في فترة وجيزة في حدود أربعة أسابيع من الإصابة.

الأمر يبدو عكس ذلك أيضاً عند مواجهة الدماغ لهجمات كبيرة ومستمرة من المرض كما في التصلب المتعدد أو الجلطات أو العدوى فإن ذلك يؤثر على بُنية الدماغ وهيكله مما يضعفه وبالتالي يقل معدل الإصلاح والتعافي فيه.

عرضت السيدة ماجي الكسندر الرئيس التنفيذي السابق لبرنامج التصلب المتعدد الأوروبي من وجهة نظرها أن الدماغ يحتاج إلى حماية أجزاءه ويتم ذلك عن طريق التفاعل الإجتماعي والتواصل بصفة أكبر .

يعود بنا الأمر إلى واحدة من أطول الدراسات في التاريخ وهي (دراسة هارفارد لتطور البالغين ) Harvard Study of Adult Development) التي استمرت لأكثر من 80 عاما.

راقبت الدراسة حياة المشاركين صحياً، ونفسياً، وعاطفياً، واجتماعياً عبر عقود، بما في ذلك أوضاعهم العائلية، ومستوى رضاهم، وصحتهم الجسدية والعقلية .

كانت خلاصتها أن الروابط الاجتماعية العميقة والداعمة لا تُشعرنا فقط بالسعادة، بل تحمينا أيضاً من الأمراض وتطيل من أعمارنا ، وأن النشاط الاجتماعي ليس رفاهية، بل عنصر أساسي لصحة الإنسان الجسدية والعقلية.

في ديننا الإسلامي الحنيف تُحقق الصلوات والجُمع والأعياد وغيرها هذه الراوبط الإجتماعية وتُرسخها وتبنيها جيلاً بعد جيل ولذلك أُمرنا بالمحافظة والمداومة عليها طاعةً لخالقنا وصحة لعقولنا وأجسادنا.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org