#كيف_نستثمر_أحلام_النوم ؟!

تم النشر في

بدأ اهتمامي بعالَم الأحلام منذ أن كنت طالباً في الجامعة الإسلامية، حين درسنا الكيفية التي شُرِعَ بها الأذان وبأنه جاء عن طريق رؤية رأها أحد الصحابة حيث تروي الكتب القصة التالية:

اهتم النبي ﷺ للصلاة وكيف يجمع الناس لها، فقيل له: اُنصب رايةً عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذنَ بعضهم بعضاً فلم يعجبه ذلك، قال فذُكِر له القُنْعُ -يعني البوق- فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فذُكر له الناقوسُ فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبدالله بن زيدٍ وهو مهتمٌّ لهمِّ رسول الله ﷺ فأريَ الأذان في منامه قال: فغدا على رسول الله ﷺ فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائمٍ ويقظانٍ إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان، قال: وكان عمرُ بن الخطّاب قد رآهُ قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً قال: ثم أخبر النبي ﷺ فقال له: ما منعك أن تخبرَني؟ فقال: سبقني عبدالله بن زيدٍ فاستحييتُ، فقال رسول الله ﷺ: يا بلالُ قمْ فانظر ما يأمرك به عبدالله بن زيدٍ فافعله،قال فأذّنَ بلال.

إنّ هذا الأثر يدل على الطاقة القوية التي تكمن في عالم الأحلام والرؤى، وقد بيّنت أحاديث أخرى هذه الطاقة حيث يقول الأثر الأول:

"ثبت عن رسول الله ﷺ أنّه قال: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثًا ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً".

ويقول الأثر الثاني:

عن أَبي سعيد الخدري أنّه سمِع النَّبيَّ ﷺ يقول: "إِذا رأى أحدُكُم رُؤيا يحبُّهَا فإنّما هي من الله تعالى فليَحمدِ اللهَ عليها وليُحدّث بها"، وفي رواية: "فلا يُحَدِّث بها إِلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنّما هي من الشيطان فليستعِذْ من شرها ولا يذكْرها لأحدٍ فإنّها لا تضرّه".

*********

حسناً؛ إنني قريب من عالم الأحلام وأتمعّن ما يحدث فيه من أحلام ورُؤى وأتابع الدراسات المهمة لهذه الناحية التي تحدث في عالم النوم العجيب، وما زلت أعتقد إننا لم نستثمر طاقة الأحلام بعد، بل أن الأغلبية لا يعرفون كيف يوجّهون أحلامهم ورُؤاهم قبل الذهاب إلى النوم.

هناك عشرات القصص التي تثبِت أن الإنسان يستطيع أن يستثمر رُؤاه في النوم ويستفيد من مخرجاتها وفك بعض رموزها وسأشرح هنا ستة أدلة على ما أقول:

● أولاً: يتضح من حديث تشريع الأذان أنّ بعض الصحابة كانوا قبل ذهابهم إلى النوم يفكّرون في الوصول إلى حل عملي ومثمر ومتميز لطريقة الأذان، لذلك تقول بعض الروايات أنّ هناك أكثر من 14 صحابياً رأوا نفس الرؤية التي رأها عبدالله بن زيد الأنصاري وعمر بن الخطّاب، وهذا يدل أن الإنسان إذا فكّر في الأشياء التي تهمه قبل النوم قد يراها في المنام، وفي ذلك يقول الحديث: "ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه".

● ثانياً: يخبرنا العالم ابن خلدون أنه إذا استعصى عليه أمراً فكّر فيه قبل النوم وتلا ما يسمّيه أنشودة الحلومية أو الحلومة، وفي الغالب أنه يرى ما يريد في المنام.

● ثالثاً: يقول الدكتور "جوزيف مورفي" صاحب كتاب "العقل الباطن" أنه فقد خاتماً ثميناً وضاق صدره، فأخذ يبحث عنه ليلاً ونهاراً ويفكّر في المكان الذي قد يجده فيه، ثم اهتدى إلى طاقة الأحلام وأخذ يفكّر في الخاتم قبل أن ينام لعدة أيام، وبعد أيام رأى في المنام من يقول له: اسأل جون... وجون هذا طفل كانت أسرته مجاورةً للمؤلف، وفي الصباح ذهب الدكتور جوزيف إلى الطفل جون وسأله عن الخاتم فقال: نعم وجدت خاتماً في قارعه طريقي فأعطيته لأمي، والتي بدورها أعطت الخاتم للسيد جوزيف.

● رابعاً: يقول المدرب العالمي "زيج زيجلار" في كتابه "أراك على القمة":

كان لدينا ابنة صغيرة تتبوّل على الفراش، فأخذت أُلقِّنُها قبل النوم قائلاً:

"كانت إحدى بناتنا تعاني من مشكلة، لقد كانت تبلل فراشها، وكان هذا الأمر يقلقنا، لذا كنا متلهّفين لمعرفة بعض الأشياء عن التعليم أثناء النوم، وعن العقل اللاواعي، فقرّرنا أن نجري تجربة، فبعد أن كانت تسقط في النوم، كنت أجثو أنا أو أمها إلى وراء فراشها ونقول: إنك فتاة صغيرة جميلة، ونحن نحبك بشدة، الجميع يحبونك لأنك سبب البهجة، والمرح والسعادة بالنسبة لنا، إننا نحبك لأنك تنامين في فراش دافئ جاف، تنامين دائماً في فراش دافئ جاف، ولأنك إذا احتجت في أي وقت إلى الذهاب إلى الحمام تستيقظين في فسحة كافية من الوقت"، ثم أخبرت ابنتي بهدوء بعد أن راحت في نوم عميق أن تستدعي أمها ولا تستدعيني أنا إذا استيقظت وكانت بحاجة إلى استخدام الحمام، وفي حوالي الساعة 1:00 بعد منتصف الليل سمعت نداء مرتفعاً بصوت واضح يقول: أمي أمي...

عندها شعرت بالكثير من الرضا، وبعدها توقّفت عن هذه العادة.

● خامساً: من القصص الجميلة ما رواه لي صديقي بكر أبو دمعة حيث يقول: أعطاني صديقي #عامل_المعرفة مبلغاً قدره 2000 ريال ومن الحماس وحرارة استقبالي لصديقي وضعت المبلغ في أحد الكتب التي كانت بجواري، وبعد أيام حين أردت المبلغ نسيت أين وضعته؟ وسيطر الحزن عليّ وقلبت المنزل بحثاً عن تلك الريالات، ولكنني لم أصل إلى مكان وجودها، حينها اتصلت على صديقي أبو معاذ وشرحت له الأمر قال لي:

قبل أن تنام صلِ ركعتين واطلب العون من الله ثم اذهب لفراشك وأنت تفكّر في الوصول إلى المكان الذي تركت فيه المبلغ!

يقول بكر: ففعلت ما طلبه مني أبو معاذ وفي المنام تخيّلت أنني أقرأ كتاب "المهمل من ذكريات طالب تنبل" وحين استيقظت في الصباح استعدت الحلم بشكل سريع وذهبت إلى كتاب التنبل، ويا لسعادتي لقد وجدت المبلغ بداخله.

● سادساً: أنني منذ زمن طويل أستثمر طاقة الأحلام وأغلب تجارتي فيها ولله الحمد ناجحة، ولعل آخرها قبل أشهر حين أردت أن أشتري أسهما في بعض الشركات، فاستخرت الله وطلبت العون منه ونمت على هذه الحالة، وفي المنام استقبلت بعض الإشارات التي تشير إلى شركة معينة بعدها اشتريت في هذه الشركة وما هي إلا أشهر وإذا بربحٍ يأتي بداخلها.

حسناً... ماذا بقي؟

بقي القول هذه بعض القصص عن طاقة الأحلام، والسؤال هنا كيف يستفيد الإنسان من طاقة أحلامه؟ أو بالأصح ما الطريقة التي يوجّه فيها مسار أحلامه لكي يستثمرها ويستفيد من طاقتها؟

الجواب:

ليس هناك جواب صحيح 100% ولكن من الممكن أن نستخدم بعض التقنيات والآليات التي تجعل أحلامنا تساعدنا للوصول إلى ما نريده.

أما عن التقنيات التي نستخدمها، فسأذكرها في مقال قادم.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org