فأسُنا مستعدٌّ!!

أصعب الألم أن يأتيك الغدر من جارك الذي يتصنع السلام معك، وتأتيك الخيانة من قريبك الذي فمه يبتسم وقلبه ينتحب!!

ما نخشاه ويخشاه كثير من شعوب العالم هو الإعلام المضلل؛ فهو الكيان الأقوى على وجه الأرض؛ فلديهم القدرة على جعل المذنب بريئًا، وجعل الأبرياء مذنبين. إنها سلطة تتحكم في عقول الجماهير، وكما يقال: أعطني إعلامًا بلا ضمير أعطِك شعبًا بلا وعي!!

في المسرح العالمي اليوم تُعرض فصول من الدراما الهزلية، وعلى شاشات التلفاز نشاهد أفلامًا من السينما المتحركة، بينما الحقيقة والواقع يفندان كل هذه الفصول وتلك الأفلام؛ لأن المُشاهد ارتفع سقفه التوعوي، وارتسمت له الكثير من الحقائق، وعرف مداخن الفساد، ومحرقة النزاهة، وفوهات الغدر، ولم تنطلِ عليه مثل هذه الخزعبلات السياسية، وذاك السعار المعدي!!

وفي العلاقات الدولية صديق الأمس عدو اليوم، والعكس صحيح؛ فلا صديق ولا عدو دائم؛ فالمصالح المشتركة تبرئ العلل، وتعالج الخلل، ولها صلاحية زمنية ما إن تنتهي تتبدل الملل، وتتغير الجُمل.

لذلك.. تصادَقَ مع الذئاب على أن يكون فأسُك مستعدًّا. وتلك طبيعة الحياة السياسية المعتدلة، التي تعتمد على ثقتها بنفسها وشعبها وولاة أمرها. وقد قالوها في الأمثال: "امش عدل يحتار عدوك فيك". وكم من مرة هزمنا الغدر دون قتال!!

أي زمن هذا الذي نحن فيه، حينما نرى اليد اليمنى تصافح واليسرى تصفع، ونرى الكرم يجتمع مع اللؤم، وكأن المتناقضات أصبحت اليوم كالرماد يُذر في العيون، ويبقى ما تحته جمر يصطلي!!

يقول "سوفو كليس": "من رمى صديقه غدرًا سيئ كالذي أنهى حياته تمامًا".

لقد علمتني حياة الكتابة أن أرتاب من الكلمات.. فأكثرها شفافية غالبًا ما يكون أكثر صراحة، ولا ريب؛ فرُبَّ كلمة تقول لصاحبها دعني، ولكن!! لن أترك أي كلمة تفصح عن سريرة الخائن، وتدمي قلوب الغادرين!!

أسوأ ما في الغدر أنه لا يأتي إلا من أقرب الناس. يقول "جبران خليل جبران": "عندما أصابت الرصاصة قلبي لم أمت، ولكني مت لما رأيت مُطلقها"!!

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org