مَن هم خلف الجدران!!
مع قدوم شهر رمضان المبارك ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، وكان الضجيج حول وجبات إفطار الصائمين، الذين تُفرش لهم السُّفر في المخيمات وبجوار المساجد، وتُوزَّع عليهم في الطرقات. والمستهدف هنا هم عابرو السبيل والجاليات المسلمة التي تعمل بيننا عملاً بشرع الله في تفطير الصائم وكسب الأجر.
هذا الضجيج سببه أن هناك الكثير من الآراء، وما يرونه من حاجة الأسر الفقيرة المتعففة، والأولى أن تُصرف مبالغ هذه السُّفر عليهم، وأن العمالة ليسوا بفقراء ولا محتاجين، متناسين في ذلك أنهم يعيشون بعيدًا عن أُسرهم، وقد أنهكتهم حياة العزوبية.
لا ننسَ أن مساعدة الغير عمل إنساني قبل كل شيء، وأن التعاون هو الشيء الوحيد القادر على إنقاذ البشرية. وحينما يرى مَن يعيشون بين ظهرانينا الأُسر يطبخون ما لذ وطاب، ويشمون روائح الطبيخ، ويتذكرون أهاليهم وهم في غربة ونحن بجوارهم لا نستطيع أن نقدم لهم شيئًا، فأعتقد أن من يطالب بإلغاء هذه السفر وتلك الموائد الرمضانية قد خانته المعرفة، وخذلته الأصوات المطالبة بذلك!!
نحن بحاجة إلى تفعيل دور المؤسسات المجتمعية، غير الربحية منها والربحية، وتوصيف عمل عُمد الأحياء ومَن في حكمهم، وتأطير الحدث بتشريعات وأنظمة تحت مظلة الجهات المختصة، مع الدعم الكامل لهذا المشروع الذي يبحث عن الأسرة الفقيرة، ويمدها بالمال، وليس غير المال أي شيء.
ما أروع أن يباشر المحتاج مع أفراد أسرته في شراء احتياجاتهم بأنفسهم، ويفرحوا كما نفرح، دون توزيع مواد غدائية، أو كروت مخفضة، أو قسائم شرائية، يتحرج منها الكثير.
نحن بحاجة إلى مبادرة تصنع لهؤلاء المال وليس الطعام؛ فالمال هو ما يشفي الصدور، ويداوي السقيم!!
من الضروري جمع "الدعوم"، من ضمان وحساب مواطن وتأهيل شامل وغيرها، في حساب مشترك، يسد حاجة المعسر، ويجعله مندمجًا مع مجتمعه دون ألم الفقر، وعوز الحاجة، ونفق الديون.
بالإمكان معالجة ظاهرة الفقر بإحدى وسائل المد المالي، دون المساس بالمشاعر والأحاسيس.. والأهم أن يكون لدينا كشافون لهذه الأسر، وتصنيفهم بمراتب تتغير بتغيُّر الحال، ويُصرف لهم مرتب أسبوعي، وليس شهريًّا؛ حتى يستطيعوا العيش بكفاف تام، ودون مساس لهذه الأصول المالية في غير ما يخدم الأسرة.
إذا استطعنا احتواء السواد الأعظم من هذه الأُسر الفقيرة بطريقة احترافية، وبصورة فردية، وحصرنا مَن هم خلف الجدران؛ حينها سيكون الخرق قد ضاق، وأصبح سهلاً على الراقع!!