مفاتيح تمكين الشباب في السوق السعودي

تم النشر في

تشهد المملكة في السنوات الأخيرة تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا غير مسبوق، تقوده رؤية السعودية 2030 التي وضعت الابتكار وريادة الأعمال في قلب تنميتها المستدامة، وجعلت من بين أبرز محاور هذا التحول دعم المشاريع الجديدة وتمكين الشباب كأولوية وطنية، تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومبتكر قائم على الكفاءات الوطنية.

وفي سبيل تحقيق ذلك أطلقت الحكومة السعودية بمشاركة القطاع الخاص عددا من المبادرات لدعم رواد الأعمال الشباب، مثل الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" التي توفر حاضنات ومسرّعات أعمال وتمويلًا ميسرًا، وصندوق التنمية الصناعي، وصندوق التنمية الاجتماعية، وصندوق الاستثمارات العامة، والتي تقدم جميعها برامج تمويلية مرنة للمشاريع الناشئة في القطاعات التقنية والصناعية والسياحية، وغيرها، كما أطلقت "منشآت" برامج للتدريب والتوجيه وتسهيل الحصول على التراخيص، إلى جانب منصات رقمية تربط المستثمرين بالمبتكرين.

ولا يمكن إغفال دور المؤسسات الجامعية ومراكز الأبحاث التي أصبحت حاضنات لأفكار الشباب، وداعمة لتحويلها إلى منتجات قابلة للتسويق، سواء في مجالات الذكاء الاصطناعي أو الطاقة المتجددة أو الاقتصاد الإبداعي، إلى جانب البرامج التدريبية والمهنية مثل "تمهير" و"هدف" ومبادرة مليون سعودي للذكاء الاصطناعي "سماي"، التي تهدف إلى تمكين الشباب في القطاعات المستقبلية، مما يفتح آفاقاً واسعة لمشاريع تقنية مبتكرة.

ومع تسارع التحول الرقمي في المملكة، ظهرت فرص جديدة أمام الشباب في مجالات التجارة الإلكترونية، والخدمات التقنية، والتطبيقات الذكية، مما جعل السوق السعودي أحد أكثر الأسواق العربية جذبًا لرواد الأعمال.

وبالرغم من هذا الزخم فإن الطريق لايزال في احتياج إلى مزيد من الدعم، حتى تمتد مظلته لتشمل جميع مناطق المملكة، لا سيما المدن الصغيرة، وضمان استدامة التمويل والتدريب حتى لا تتعثر المشاريع في مراحلها الأولى. كما أن تعزيز ثقافة ريادة الأعمال في التعليم العام والجامعي يمثل خطوة أساسية لتخريج جيل يفكر بإبداع لا بوظيفة تقليدية.

وخلاصة القول أن دعم المشاريع الجديدة والناشئة ليس مجرد سياسة اقتصادية، بل هو استثمار في عقول الشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من المجتمع السعودي. ومع استمرار الدولة في توفير بيئة محفزة، وتمويل مبتكر، وأنظمة مرنة، فإن المستقبل السعودي يبدو مهيأً لأن يصبح مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال في الشرق الأوسط، بما يساهم في تنويع الاقتصاد ويزيد من مساهمة القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف محوري ضمن الأهداف الطموحة لرؤية 2030.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org