في ملتقى الميزانية، كان ظهور الوزير ماجد الحقيل فرصة لفهم موقعنا من ملفين حساسين يرتبط بهما كل بيت وكل شارع: السكن والبلديات. وهذان القطاعان يحددان مدى راحة المواطن قبل أن يحددا شكل المدن أو صورتها في التقارير.
الوزير قدّم أرقامًا ومعطيات تعطي انطباعًا بأن الحركة مستمرة، وأن التحسينات لا تتوقف. لكن المواطن يقيس الأمور بما يراه أمام باب منزله، وبما يتعامل معه يوميًا. وهذا ما يجعل ظهور الوزير مهمًا، لأنه تحدث بلغة أقرب إلى الواقع: نِسَب تملك ترتفع، وحدات جديدة تُضخ في السوق، تمويل أكبر، وبرامج تنموية يستفيد منها أصحاب الحاجة. هذه مؤشرات جيدة، لكنها تحتاج إلى متابعة لصيقة حتى لا تتحول إلى إنجازات “بعيدة عن عين المواطن”.
أما في البلديات، فالمشهد أكثر حساسية. فالمواطن يرى الشارع قبل أن يرى التقرير. يلاحظ الطريق المتهالك، والمرفق البعيد، والمشروع المتعثر. وهنا قدّم الحقيل ما يشير إلى أن العمل يتجه نحو ضبط أكبر: تأهيل طرق، معالجة تعثر المشاريع، توسيع المساحات الخضراء، وتقريب الخدمات. وهذه خطوات ملموسة، والاختبار الحقيقي لها هو قدرتها على الاستمرار.
وأكثر ما يدعو للاهتمام هو دخول التقنية في خط الإدارة: الرقابة الذكية، ومعالجة الصور، والتوأمة الرقمية… كلها أدوات حديثة. إلا أن قيمة التقنية تُقاس بمدى حلولها للمشكلات، لا بحداثة مسمياتها. المواطن يريد أن يفتح بلاغًا فتُعالج المشكلة بسرعة، ويريد أن يرى أثر التقنية في حيّه لا في بيان صحفي.
ميزانية المملكة وضعت سقفًا مرتفعًا للتوقعات، وظهور المسؤولين في الملتقى يعكس حرص الدولة على الشفافية. لكن التحدي الحقيقي هو الأرض، حيث تنتقل الوعود إلى نتائج. والحقيل في ظهوره أعطى انطباعًا بأن هناك رغبة في تغيير أسرع وإدارة أدق، وهذا ما ينتظره الجميع.
المواطن لا يطلب الكثير… فقط مدن تعمل، وخدمات تحضر، وقرارات تُطبَّق. وعندما تتحقق هذه الثلاثية، لن يحتاج أحد إلى أرقام ليثبت نجاحه.