عندما داهم أدهم المرض توقعت العائلة أن الأمر لا يعدو كونه سحابة صيف عابرة، لكنها كانت مثقلة بالألم للمريض، والهموم لأفراد الأسرة؛ كيف لا وربُّ الأسرة أمسى في عداد المرضى، وأصبح لزامًا على الجميع المساعدة والرعاية.
أدهم يقضي الأسابيع بين ردهات المستشفى، وأيامًا بالمنزل. لم تألُ الأسرة جهدًا في السهر على راحته؛ فتارة تصحبه الزوجة، وأخرى ابنته، وثالثة ابنه. للأسف الأزمة طالت، وبدأت تلقي بظلالها على أفراد الأسرة حيث الإجهاد الجسدي والنفسي، والتقصير في الواجبات الحياتية الأخرى.
لدى معظم المرضى أقارب، يقدمون الرعاية والدعم من جميع الأعمار، ولدى البعض الآخر مرافقون بأجر، ولدى الفريق الصحي غالبًا هدف واحد، هو صحة المريض، لكن آخر من يُهتم بأمره المُرافق (مقدم الرعاية)، الذي يُشار إليه أحيانًا على أنه "مريض ثانوي"؛ يحتاج ويستحق الرعاية والحماية والتوجيه؛ ليقوم بالرعاية على أتم وجه قدر الإمكان.
بعض مُقدِّمي الرعاية غير رسميين (عادة أفراد الأسرة أو الأصدقاء)، وهناك مُقدِّمو رعاية محترفون مدفوعو الأجر. وقد تُقدَّم الرعاية في المنزل أو في المستشفى، وربما عن بُعد.. ويقومون برعاية ومساعدة المريض (الاستحمام، وارتداء الملابس، وتناول الأدوية، والتغذية الأنبوبية، والعناية بجهاز التنفس الصناعي.. وغيرها).
يفتقد أغلب مُقدِّمي الرعاية إلى أبجديات العمل بسبب عدم الكفاية، وفقدان المعرفة والمهارة، إضافة إلى الجهل بنوع الرعاية التي يجب تقديمها ومقدارها؛ وهو ما قد يجعلهم أحيانًا عبئًا على الفريق الصحي، وقد يتسببون للمريض ببعض الأذى دون قصد، وبحُسن نية، سواء في المنزل أو في المنشأة الصحية.
تكلِّف رعاية كبار السن من قِبل الأصدقاء والأقارب في الولايات المتحدة 522 مليار دولار سنويًّا، وفقًا لدراسة (من قِبل مجلة Health Services Research 2011))، وتنخفض إلى 221 مليار دولار إن كان القائمون على الرعاية غير مهرة، في حين تكلف الرعاية التمريضية الماهرة 642 مليار دولار سنويًّا.
في الولايات المتحدة هناك قرابة 51 مليون شخص يحتاجون للرعاية؛ ونتج من ذلك تأثير اقتصادي غير مباشر لتدهور صحة مُقدِّم الرعاية بما يقارب 221 مليار دولار. أما التأثير المباشر فقُدِّر بنحو 44 مليار دولار (فقدان أكثر من 650 ألف وظيفة وتغيُّب نحو 800 ألف من مقدمي الرعاية عن العمل). ويُقدَّر الأثر الاقتصادي الإجمالي لتقديم الرعاية عبر القنوات المباشرة وغير المباشرة بـ 264 مليار دولار، وفي عام 2017 قدَّرت الرابطة الأمريكية للمتقاعدين أن نحو 41 مليونًا من مقدمي الرعاية الأسريين قدموا 34 مليار ساعة من الرعاية بتأثير اقتصادي يقدر بـ 470 مليار دولار.
قد يعاني مُقدِّم الرعاية مشاكل عديدة، وربما لا يشعر بها مَن حوله؛ وبالتالي تتفاقم، ويحدث ما لا تُحمد عقباه، سواء للمريض أو المُرافق، مثل انخفاض الصحة البدنية، وعواقب جسدية سلبية كبيرة مع تقدُّم مرض المريض، وزيادة السلوكيات التي تنطوي على مخاطر صحية، مثل التدخين، والإرهاق، واضطرابات النوم، وضعف المناعة، وزيادة مستويات الإنسولين، وضغط الدم..
وفي الجانب المادي عدم الحصول على المكافآت المناسبة قد يؤدي لانخفاض الدخل الشخصي والأسري، إضافة إلى عدم الحصول على الراحة؛ وبالتالي عدم الرضا، وزياد الحزن، وربما زيادة خطر الوفاة المبكرة.
يؤدي إرهاق مُقدِّم الرعاية إلى انتشار موجات من التأثير في جميع أنحاء الأسرة والمجتمع. في تقرير صادر عن الرابطة الأمريكية للمتقاعدين والتحالف الوطني لتقديم الرعاية وصف 36٪ من مقدمي الرعاية وضعهم بأنه "مرهق للغاية". وأفادت دراسة أخرى بأن 40% من مقدمي الرعاية يعانون الاكتئاب وتقلُّب المزاج والاستياء.
عزيزي المُرافق.. تذكَّر أنك إن شعرت بالتحسُّن يمكنك الاعتناء بأحبائك بشكل أفضل، حاول أن تتعلم كيفية رعاية شخص مصاب أو مريض، لا تتردد في طلب المساعدة وقبولها، حاول الانضمام إلى مجموعات الدعم لمقدمي الرعاية، كن منظمًا، حاول عمل قوائم مهام وحدد الروتين اليومي، كن على اتصال مع العائلة والأصدقاء، من المهم أن تحصل على الدعم العاطفي، اعتنِ بصحتك، مارس النشاط البدني، اختر الأطعمة الصحية، احصل على قسط كافٍ من النوم، تأكد من مواكبة رعايتك الطبية مثل الفحوصات والفحوصات المنتظمة وضع في اعتبارك أخذ استراحة إذا شعرت بالإرهاق.
ختامًا، لا يزال الاهتمام بالمُرافق في ذيل القائمة، وربما معدوم، وربما لو تعب لن يجد مَن يساعده لعدم وجود ملف صحي له، وعليه التوجه للطوارئ، وترك مريضه المنوَّم. وإلى أن نجد من ينصف المرافقين الذين يقدمون الرعاية لقريبهم، ويهتمون بهم، لا تنسَ عزيزي مُقدِّم الخدمات الصحية أن مرافق المريض في ذمتك؛ قدِّم له الدعم العاطفي والاجتماعي والصحي.