غابات المانجروف.. سياج حماية لسواحلنا البحرية

تم النشر في

تولي المملكة العربية السعودية أهمية بارزة لقضايا البيئة، وتبذل جهودًا متواصلة للعناية بها، كما تبدي قدرًا كبيرًا من الصرامة والحزم مع كل من يتسبب في إحداث تدهور يمثل تهديدًا للحياة الفطرية أو لأي من عناصر الطبيعة؛ وفي مقدمة هذا الاهتمام تبرز مبادرة السعودية الخضراء التي أعلنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف لزراعة 10 مليارات شجرة، حيث تؤكد انحياز المملكة الكامل للبيئة، وحرصها على مواجهة التحديات الرئيسية التي تحيط بكوكب الأرض.

وحظيت هذه المبادرة الرائعة بتفاعل دولي كبير؛ لأنها تعتبر أكبر برنامج لإعادة التشجير في العالم، وسوف تكون له آثار إيجابية هائلة على جميع القطاعات، كما أنها تهدف بشكل رئيسي إلى تقليل الانبعاثات الكربونية والحد من العواصف الغبارية والتصدي للتصحر وزحف الرمال بما يؤدي في النهاية إلى رفع مستوى جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة وفق ما نادت به رؤية المملكة 2030.

ضمن هذه الجهود المباركة يأتي مشروع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر في السعودية، الذي يعمل على تنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والمحافظة عليها، وتأهيل المتدهور منها، واستعادة التنوّع الأحيائي في البيئات الطبيعية، والإشراف على إدارة أراضي المراعي والغابات والمتنزهات الوطنية واستثمارها؛ لتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة.

لذلك يواصل المركز باهتمام كبير مشروعاته القائمة على سواحل المملكة بزراعة 13 مليون شتلة مانجروف؛ حيث أنهى عددًا من المشروعات لزراعة ملايين الشتلات، فيما يجري تنفيذ مشروعات أخرى تشمل مناطق: جازان، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وتبوك، وعسير، والمنطقة الشرقية، بما يسهم في زراعة ملايين الأشجار، وتعزيز نمو غابات المانجروف وازدهارها.

لذلك تتواصل الجهود التي تهدف بالتعاون مع الشركاء إلى زراعة 100 مليون شجرة مانجروف على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي خلال الأعوام القليلة المقبلة، تفعيلًا للمبادرات السعودية المختلفة والجهود الحثيثة لزيادة الرقعة الخضراء، والحد من التصحر في البيئة الساحلية.

ولا تقتصر مبادرات المركز على مجرد زراعة أشجار المانجروف فقط، بل تشمل التسييج والرعاية لحماية الشتلات من الطحالب والأعشاب البحرية والمواقع من الرعي والتعدي، إضافة إلى عددٍ من الأعمال الأخرى؛ مثل: تجهيز المشتل، وجمع البذور الناضجة والسليمة وتنقيتها ثم بذرها في المشتل.

ويمثل هذا الاهتمام السعودي قمة الاهتمام بقضايا البيئة والمناخ، وهو ما أصبح سمة بارزة تميز هذه البلاد منذ توحيدها، وتؤكد تصميمها على إحداث حراك عالمي متواصل، لمواجهة ظاهرة التغيّر المناخي وحماية الأرض والطبيعة، والتصدي للممارسات البشرية السلبية التي تزايدت خلال العقود الماضية والتي كان لها أكبر الأثر في التدهور الهائل الذي أصاب البيئة وأدى إلى تراجع مساحات الرقعة الزراعية بما يمثل تهديدًا رئيسيًا للأمن الغذائي.

وقد تسارعت وتيرة العناية السعودية بقضايا البيئة عقب تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مقاليد الحكم، حيث تم إنشاء عدة محميات طبيعية تتمتع بأعلى درجات الحماية، وذلك للحفاظ على الحياة الفطرية وإنمائها، إضافة إلى رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة البلاد.

هذا الاهتمام الكبير أكده ولي العهد بقوله: "نرفض الاختيار المضلل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة، ونؤمن أن العمل لمكافحة التغير المناخي يعزز القدرة التنافسية، ويطلق شرارة الابتكار، ويخلق الملايين من الوظائف، ويطالب اليوم الجيل الصاعد في المملكة وفي العالم، بمستقبل أنظف وأكثر استدامةً، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك"، وهي كلمات لا شك أن التاريخ قد سطّرها بأحرف من نور.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org