ماجستير (طقطقة)!! تخصص (ذبات)!!
يقول الله -عز وجل-: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، ويقول تبارك وتعالى {... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.
انتشر في زمن وسائل التواصل -للأسف- مفهوم (الطقطقة)!! وهي التهكم والسخرية بالآخرين، ومواقف الناس المختلفة.. ويصاحب ذلك التهكم اصطياد عبارات من المواقف أو مفردات، تزيد من سخونة السخرية، وتُسهم في نشرها بشكل واسع، وتُسمى في قاموس الزمن الحالي (الذبات)!! يتناقلها الناس في مجالسهم ومنصاتهم، ويرددون بعض عبارات الموقف، ولا يدركون خطورة الأمر والذنب العظيم الذي يُسجَّل في صحائفهم بسخريتهم من شخص بعينه أو مجتمع أو قبيلة أو عائلة أو جماهير فريق رياضي.. ويتناسون، سواء متعمدين أو جاهلين، أن هذه غيبة محرمة شرعًا، وقد تكون بهتانًا إذا لم يكن الموقف حقيقيًّا، وإنما تم تأليفه للإساءة والتجريح، وإسقاط مكانة بعض الناس، أو إيجاد فرصة للضحك والتسلية!!
هذا النوع من التسلية وإضحاك الآخرين أمرٌ لا يجوز شرعًا، وغير مقبول في الأعراف المجتمعية الراقية.
من قلة الأدب والذوق أن يجتمع مجموعة من الأشخاص، يسخرون من شكل هذا، وصلعة ذاك، وطريقة مشي ذلك الرجل، وأسلوب ذلك المجتمع.. هذه سخافة، وسوء خلق، ودليل على تربية سيئة، تلقاها من يدَّعي قدراته بفنون (الذبات والطقطقة)! ودليل على ضعف في الوعي لدى أولئك المقهقهين والملتفين والداعمين لذلك (الطقطوق) الذي يعتقد أنه ظريف، ولم يعلم أن الناس تعتبره سخيفًا وخفيفًا، وبعيدًا كل البعد عن المبادئ والأخلاق الإسلامية الصحيحة.
ألا تعلم أيها (المطقطق) -أصلح الله حالك- ضخامة الذنب الذي تقترفه؟ ألا تعلم أن هناك من يتجنب المجالس التي توجَد فيها خشية لسانك، وقوتك السلبية في السخرية بالآخرين؟ ألا تعلم أن من أشر الناس يوم القيامة هو ذلك الرجل الذي يتركه الناس مخافة لسانه؟
أنا مع نشر الضحك والابتسامة والأجواء الجميلة المبهجة، ولكن بالطريقة الصحيحة.
تذكَّر مواقف حصلت معك، وتحدَّث عنها، واستخرج منها كل ما يدعو للفرح والابتسامة الصادقة الخالية من الغيبة والنميمة وفُحش الكلام.
اجعل مَن حولك يفرحون ويبتهجون بوصولك.. تذكَّر أن الكلمات الجميلة تبني، وتُسعد الآخرين، والكلمات السيئة التي فيها سخرية واستهزاء كاللكمات التي تؤذي في وقتها، وتبقى آثارها في نفوس الناس.
ما أجمل أن نستخدم اللسان في نشر الخير، وقول الكلام الطيب، وإسعاد الآخرين.
لنتذكر جميعًا حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أفش السلام، وأطب الكلام، وصِل الأرحام، وصلِّ بالليل والناس نيام، تدخل الجنة بسلام".
ما أروع أن يعرفك الناس المحيطون بك بصاحب الخلق الرفيع، والمتحدث بأجمل العبارات.. وما أسوأ أن يتذكرك الناس بالمتخصص في (الطقطقة والذبات).