برنامج الابتعاث يعزّز قيمة الشباب السعودي

من أكثر ما اهتمت القيادة الكريمة بتطويره خلال السنين الماضية ترقية مهارات الشباب وزيادة معارفهم، لتمكينهم من المنافسة في سوق العمل وتزويدهم بأحدث القدرات التي تعينهم على تلبية احتياجاته. ولم تكتف الجهات المسؤولة بمجرد توفير الفرص الوظيفية للأجيال الجديدة، بل كان تركيزها يدور حول حصول الشباب على المعرفة الضرورية اللازمة التي تؤهلهم لاستلام المناصب العليا.

ولأن رؤية المملكة 2030 كانت وصفة شاملة لترقية واقعنا على كافة الأصعدة ولم تكن مجرد رؤية اقتصادية لتطوير الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، فقد حظي الشباب السعودي بقدر كبير من الاهتمام والعناية، لأن الاستثمار في الثروة البشرية هو أفضل أنواع الاستثمار، وتنميته أكبر وأهم الغايات، لاسيما في مجتمعنا الذي يمتاز بأنه مجتمع شبابي، أعمار غالبية عناصره تتراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين.

لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي استحدثت المملكة برنامجًا طموحًا وغير مسبوق هو برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، حيث يتم إرسال عشرات الآلاف من الشباب والشابات للدراسة في أعرق الجامعات العالمية لينهلوا من معارفها ويكتسبوا العلوم الحديثة، وفق ضوابط محددة من أهمها أن تكون الجامعات التي يستهدفها الشباب من المؤسسات المرموقة على مستوى العالم.

والمتأمل للأهداف البعيدة التي يحملها البرنامج ويعمل على تحقيقها يدرك إيمان القيادة الرشيدة بأهمية التعليم في بناء المملكة الجديدة ومجتمعها الذي يستند إلى مفاهيم رؤية المملكة 2030، والسعي الجاد لصنع أرضية صلبة وراسخة ينطلق منها أبناء الوطن للإسهام في مسيرة البناء والإنجاز، وتسلم راية البذل والعطاء، ومثلما يشكل توفير الفرص الوظيفية أهم ضرورات الأمن الاجتماعي فإن تأهيل هذه الكوادر بصورة كافية يظل ضرورة لا غنى عنها لضمان استدامة هذه الجهود وعدم التأثير السلبي على الشركات والمؤسسات الاقتصادية.

ومن أبرز نقاط القوة في البرنامج أنه لا يقتصر على شريحة دون عينها ويشمل كافة السعوديين، بغض النظر عن أعمارهم، حيث يتضمن برامج لدراسة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وهو ما يعزز من كفاءته ويرفع قيمته.

كما يكتسب البرنامج أهمية إضافية كونه يسهم بصورة رئيسية في توطين الوظائف بكوادر وطنية شابة ومؤهلة، لأن سيطرة العمالة الوافدة على تلك الوظائف يمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد السعودي، لا سيما ما يتعلق بالمناصب القيادية. لذلك فإن برامج السعودة التي تبنتها الدولة لم تهدف لمجرد إيجاد فرص وظيفية للشباب، أو استبدال الوافد بالسعودي، بل أولت عناية رئيسية لتطوير مهارات الشباب ورفع قدراتهم.

ومع توالي دفعات الطلاب المبتعثين وعودة الكثيرين منهم إلى أرض الوطن، فإن الكرة الآن باتت في ملعب شركات ومؤسسات القطاع الخاص لاستيعاب هذه السواعد الفتية، كنوع من المسؤولية الاجتماعية التي درجت عليها خلال السنوات الماضية، فالواقع الجديد الذي يعيشه العالم اليوم، وما أفرزه ارتفاع نسبة البطالة إلى أرقام صادمة يحتم علينا التركيز على جانب أكثر أهمية وأشد إلحاحًا، وهو الاهتمام بتوفير فرص العمل لهؤلاء الشباب، وهو ما ينبغي أن تتوجه إليه عناية الشركات الكبرى والمصارف ورجال الأعمال، وأن يمنحوه أولوية قصوى، وهو الإسهام في حل هذه المعضلة الكبرى، والإسهام في توظيف الشباب، وإيجاد فرص العمل المناسبة لهم.

هؤلاء يمثلون الأمل لهذا الوطن، بعد أن صرفت عليهم الدولة مليارات الدولارات وأرسلتهم إلى الخارج، لنيل أرفع الشهادات العلمية من أشهر جامعات العالم. ورغم نجاحهم اللافت فإنهم لم يشكلوا الإضافة المرجوة منهم لأن بعض الشركات الوطنية لا تزال تتردد في توظيفهم لهواجس قديمة تجاوزها الزمن وثبت عدم صحتها.

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org