أبراج المراقبة الجوية الافتراضية

تُعتبر أبراج المراقبة الجوية من أكثر معالم المطارات لفتًا للانتباه، بل إن بعضها صارت رموزًا للمطارات؛ بمجرد أن يراها الناس في صورة أو مقطع فيديو يعرفون المطار (أو المدينة) فورًا؛ لذلك تفنن المعماريون في تصاميم أبراج المراقبة، سواء من ناحية الموقع أو المظهر أو التفاصيل الداخلية ووظائفها الإضافية.

الصورة النمطية الحالية لبرج المراقبة التقليدي في طريقها للتغير؛ إذ ستختفي المباني (المكلفة إنشاء وتشغيلاً)؛ لتحل محلها أبراج افتراضية، يتم تشغيلها من أماكن بعيدة، تفصلها عن المطار مئات الكيلومترات.

تعود البدايات إلى عام 1996م، حينما طرحت في ندوة لمعهد DLR (معهد أنظمة الطيران في براونشفايغ بألمانيا) فكرة إضافة كاميرات فيديو، تقوم بتصوير بانورامي لمساعدة المراقب الجوي في تحقيق رؤية أوسع. وفي عام 2001م فاز مشروع "البرج الافتراضي" بأول مسابقة من المعهد نفسه مع دعم أبحاث المشروع بمبلغ 200 ألف يورو لمدة عامين.

بدأت التجارب الأولية في مارس 2009م حينما نفَّذت saab groupu عرضًا لمفهوم "البرج البعيد" في مركز المراقبة الجوية بمدينة مالمو السويدية. وفي المؤتمر العالمي للمراقبة الجوية GATC الذي عُقد في أمستردام عام 2011م تم منح مشروع "البرج البعيد" جائزة المشروع الأكثر تقدمًا، ثم شهد عام 2015م تشغيل مطارات صغيرة عدة في السويد بأبراج افتراضية، قبل أن يصبح "مطار الجبال الإسكندنافية" السويدي أول مطار في العالم يتم بناؤه بدون برج مادي، وذلك في شهر ديسمبر من عام 2019م. أما النقلة الحقيقية فقد حدثت عام 2021م، وتمثلت في مطار لندن سيتي الذي أصبح أول مطار كبير في العالم يتخلى عن برج المراقبة التقليدي؛ إذ تم نصب برج حديدي بطول 50م، وتزويده بـ 14 كاميرا فائقة الدقة، تقوم بإرسال الصوت والصورة (من خلال شبكة ألياف آمنة) إلى مركز مراقبة على بُعد 112 كيلومترًا في هامشاير شرق لندن.

يعتمد نظام "المراقبة عن بعد" على صور بانورامية، تغطي 360 درجة؛ لتجعل المراقب الجوي كأنه في الموقع تمامًا، مع إمكانية تقريب الصور، ورؤية التفاصيل بشكل أوضح، إضافة لتوفير الدعم الرقمي مثل الكشف التلقائي عن الأشياء، ومراقبة العلامات، والتعرف على الصور وتتبُّعها، وتطبيق تقنيات التحكم. أيضًا يمكن لبرج رقمي واحد أن يدير أكثر من مطار؛ وبهذا تتم زيادة الكفاءة التشغيلية، وتعزيز السلامة، وتحقيق المرونة، وتقليل التكاليف، وتوفير بيئة عمل جذابة.

هناك إضافة مهمة جدًّا في الأبراج الافتراضية، هي الكشف التلقائي عن طائرات الدرون؛ لذلك بدأت هذه التقنية تتوسع فعليًّا في أوروبا وأمريكا وبقية دول العالم. أما في منطقتنا فقد قطعت السعودية والإمارات وقطر شوطًا طويلاً في طريق تطبيقها، خاصة في المطارات الجديدة؛ إذ وقَّعت شركة الملاحة الجوية السعودية اتفاقًا مع شركة إندرا سيستيماس الإسبانية؛ لتركيب وتشغيل نظام "برج المراقبة الجوية الافتراضي" في مطار العلا الدولي؛ ليصبح عند تشغيله أول برج مراقبة افتراضي في الشرق الأوسط.

أخيرًا.. يقول روبرت جراهام مدير أبحاث المطارات في يوروكونترول: "تكنولوجيا الأبراج الرقمية ستُدمج مع استمرار المطارات في التوسع، لكن الأبراج المادية ستظل في المطارات لبعض الوقت بالمستقبل".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org