أربع ذبائح تكفي العرس..!!

باتت تكاليف الزواج للشباب المقبلين على اتخاذ خطوات من هذا النوع هاجسًا من الخوف، وهمًّا لا يُطاق للعديد من الأسر السعودية؛ ما يجعل من نشوء هذه التكاليف وإقامة حفلات الفرح الباهظة في مجتمعنا سببًا مباشرًا وقويًّا في آن، ومقنعًا أيضًا لاستحالة تحقيق حلم الزواج للكثير من أبنائنا، وربما أجيالنا القادمة، ودخولهم عالمه وبناء أسرة نافعة في المستقبل؛ وبالتالي إعلان العزوف عنه إلى أجل غير معلوم أملاً في بزوغ فجر جديد، تحمل بشائره السنون القادمات..!!

ما نراه اليوم ونسمع به ونقرأ عنه من دفع أموال طائلة في استئجار القصور وحجز المطربين والمصورين بالشيء الفلاني، والبذخ في الذبائح، إسراف لا مثيل له؛ ما تسبب في رفع أسعارها، والكتابة بالليزر على الجدران وتبعاته، التي لا تزيد من صيت، ولا تحط من شأن؛ الأمر الذي يحتاج منا لوقفة جماعية جادة، وخطوات شجاعة، ومبادرات صادقة؛ للوقوف أمام هذه الظاهرة، واختصارها في النهاية..!!

ومن هنا فإن أمام المجتمع القيام بدوره من خلال مبادرات حقيقية، وخطوات صادقة، وكذلك تبنِّي الأفراد قرارات حاسمة في هذا الخصوص، كل حسب مجهوده وجهده ومقترحاته وفكره وقوة بنانه؛ لإيقاف هذا النزيف والبذخ للمال والبطر بالنعمة وتحمُّل الديون، وإيقاف الخدمات مستقبلاً، وكذلك ما يؤدي إلى استنزاف أوقات الناس المجبرين على تلبية الدعوات العامة، الذي يضيع سدى دون الخروج بأي نتيجة تُذكر في النهاية..!!

الحل -كما أراه- ليس في إقامة الزواجات المختصرة؛ فهناك محاولات سابقة في هذا الخصوص، قام بها بعض الناس؛ لأنها لم تُطبَّق أيضًا بالشكل المطلوب، بل إن بعضها "المختصرة" كان ظاهرها الاختصار، وباطنها المفاجأة الصادمة بوضع العريس أمام خيار "نكون أو لا نكون"؛ ما يعني أن الحل والربط خرج عن السيطرة إلى أبعد مما نتصور لمجرد رغبات نرجسية وأحلام عائلية ساذجة، الهدف منها التقليد ومسايرة الزمن الفضفاض..!!

إن أي حلول مقترحة في هذا الاتجاه قد لا تكون مجدية، ما لم يكن خيار مقاطعة الزواجات الكبيرة هو الأساس والمبدأ؛ فمثلاً ليس بالضرورة أن أحضر زواجًا كلفة القاعة له عشرات الآلاف من الريالات. هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى على الشاب الراغب في إتمام مراسم الزواج بعد أن يجمع المهر المقرر، وقبل إجراء العقد وقراءة شروطه، أن يشترط على ولي أمر العروس أنه غير ملزم بأي تبعات أخرى من تكاليف لاحقة غير المهر وأربع ذبائح فقط، على أن يكون مقر الحفل بيت العائلة. ولتأكيد جديته عليه أن يسحب ثلاثة آلاف ريال من المهر، ويعيده إلى جيبه، ويوضح لهم أنه لزوم "البشت". وعلى غيره من الشباب تعميم مثل هذه الفكرة، ووضعها من ضمن المبادرات والشروط، والصبر على النتائج أول سنة..!!

وقبل أن أختم لا بد من الإشارة إلى أن الكثير من المجتمعات من حولنا لا نجد أفرادها يقومون مثلما نفعل من تكاليف وعادات دخيلة على مجتمعنا الطيب وقِيمه الرفيعة.. ففي تلك المجتمعات يكون الزواج لديهم ميسرًا وبسيطًا وسهلاً، وأكثر سلاسة، ودونما تعقيد واشتراطات متعبة، وطلبات مرهقة، وشيلات متنوعة، للحد الذي يكون فيه الحضور مقتصرًا على أسرتَي العريسَين، وعدد قد لا يتجاوز سبعة من الجيران في أكثر الأحوال، وليس أسوأها..!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org