جلسة نقاش مطوَّلة مع سيدة تحترم النظام، وتطالب بالانضباط، ولا تعترف بالكسل والنوم والسهر. إنها أمي، خبيرة جودة الحياة -حفظها الله وجميع أمهاتكم-.
بدأتُ الحديث معها حول تذمُّر شريحة كبيرة من المجتمع تجاه الدراسة في رمضان، ومطالبة الكثير بتحويل الدراسة إلى أسلوب التعليم عن بُعد.
عرضتُ عليها مقطع الطالب الذي طالب معالي الوزير بتوقُّف الدراسة خلال شهر رمضان المبارك.
نظرتْ إليَّ، وقالت: مَن يبحثون عن الإجازة في رمضان هم أشخاص لم يدركوا المعنى الحقيقي لهذا الشهر الفضيل. ما زال لديهم ضعف في استيعاب شهر الصوم. يجب أن يعلموا أن رمضان شهر عِلم وعمل وحياة وإنتاجية. رمضان شهر الفتوحات الإسلامية والإنجازات الكبرى. مَن يعتقد أن رمضان شهر الوجبات والمسلسلات والزيارات والتسوق والسهر والنوم نهارًا وتجنُّب المهمات والعمل فقد أضاع الكثير من حياته؛ ولزامًا عليه أن يعود للمسار الصحيح قبل فوات الأوان.
اقترحتْ عليَّ منهجية للحياة في رمضان، وكيف يجب أن تعيش الأسرة السعودية خلال هذا الشهر المبارك. حددتْ بداية اليوم مع الاستيقاظ للسحور قبل أذان الفجر بنصف ساعة؛ لتجتمع الأسرة، وتتناول سحورًا خفيفًا، يمكن إعداده في وقت قصير؛ ليتحقق الاقتداء بسُنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ودعم الجسد بطاقة مناسبة، تُمكِّنه من العمل خلال اليوم. بعد ذلك أداء صلاة الفجر، ويعقبها راحة للجسد حتى الثامنة والنصف، وبعدها الانطلاق للدوام.
يستمر عمل الجميع حتى الثالثة والنصف عصرًا. يعود الجميع للمنازل بنفوس راضية، وعقول تلقت المعرفة، وتحب الحياة. إعداد وجبة الإفطار مرحلة مهمة خلال اليوم، ولا يجب أن تكون مُنهكة للنساء، وخصوصًا الموظفات.
إفطار جماعي، وقضاء أوقات جميلة وجو أسري مبهج، يستمر حتى الساعة الـ١٢، ثم يتجه الجميع للنوم الإلزامي حتى يأخذ الجسد كفايته من النوم.
رمضان شهر القرآن والعطاء والخير والعبادات.. رمضان فرصة عظيمة للتغيير الإيجابي الصحيح.
واختتمت أمي منهجيتها للعيش الملائم في رمضان بتأكيدها أن هذا الشهر العظيم نقطة تحوُّل في حياة كل إنسان ينشد السعادة والاستقرار.