القوة الناعمة.. سلاح الأقوياء

اتجهت معظم الدول في العصر الحديث إلى التعويل على مصادر القوة السياسية والثقافية والاجتماعية في تحقيق أهدافها، والاستعاضة بها عن استخدام أدوات الموت والدمار التي تراجع دورها في ظل النظام العالمي الجديد الذي يحكم العالم في الوقت الحالي، ويسعى لتطويق الحروب بأي صورة من الصور.

هذا النوع من مصادر القوة بات يعرف باسم "القوة الناعمة" التي تمتاز بأنها أقل تكلفة من القوة التقليدية، ولا تترك آثارًا تدميرية، ولا تتسبب في تعطيل التنمية، ولا تعوق التطور.. بل على العكس من ذلك، فإن الدول، ولاسيما ذات الإمكانات المادية المتطورة، تستخدم الدعم المالي والمساعدات والقروض كنوع من أدوات القوة الناعمة؛ وبذلك تسهم في دفع عجلة التنمية في الدول المستهدفة.

إذا نظرنا إلى السعودية نجد أنها تمتلك العديد من أدوات القوة الناعمة التي يمكن توظيفها لتحقيق أهدافها؛ فهي تمتاز بإمكانات مادية ضخمة، كما أنها تتحكم في ضبط أسعار النفط العالمية، وضمان العدالة للمنتج والمستهلك؛ وهو ما أسهم بشكل كبير في استقرار الاقتصاد العالمي.

كذلك اعتادت السعودية منذ توحيدها على تقديم الدعم لمعظم دول العالم، ولاسيما العربية والإسلامية؛ وبذلك اكتسبت مكانة فريدة، ليس على مستوى الحكومات والمسؤولين فقط بل حتى على مستوى الوجدان الشعبي العام لمعظم العرب والمسلمين.

إضافة لكل ذلك فهي تتفرد بمكانتها الدينية بوصفها مهبطًا للوحي، وحاضنة للحرمين الشريفين؛ وهو ما جعلها محط أنظار مليار ونصف المليار مسلم، ينتشرون في أصقاع الأرض كافة. ويشهد العالم أجمع على التسهيلات التي تقدمها السعودية لضيوف الرحمن، وتسخير مقدراتها كافة لمساعدتهم على أداء مشاعرهم ومناسكهم بسهولة ويسر.

وعلى صعيد الإمكانات السياحية فإن السعودية تستند إلى إمكانات فريدة، تتفاوت بين المناظر الطبيعية الساحرة، والأجواء المعتدلة على مدار العام للكثير من مناطقها؛ إذ تتنوع بيئتها المناخية بين الصحاري الذهبية والمرتفعات الساحرة والسواحل الخلابة.. كل ذلك إضافة إلى ما تتمتع به من مخزون أثري قَلَّ أن يوجد في دولة أخرى من دول العالم.

هناك أيضًا السمعة الحسنة التي تتمتع بها بلادنا بسبب سياساتها القائمة على حسن الجوار، والتزامها بمبادئ عدم التدخل السلبي في شؤون الدول الأخرى، وإسهاماتها الإيجابية في الشأن العالمي، ومبادراتها المتعددة، مثل تشجيع الحوار بين أتباع الأديان، وقيادتها جهود العالم في استئصال آفة الإرهاب، وما تقوم به من جهود واسعة لأجل الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية، وغير ذلك من المبادرات الإيجابية المتعددة.

هذه المزايا الفريدة وغيرها الكثير مما نمتلكه يمكن أن نصل عبرها إلى ما نريده ونرغب فيه، ومن الخطأ أن نهملها أو نتجاهل تأثيرها.. فما بذلناه خلال العقود الماضية من جهود، وما قدمناه من مواقف إيجابية، هو في الحقيقة كنز إذا ما أحسنا استغلاله وتوجيهه.. إنه كنز ثمين في متناول أيدينا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org