تعد الثقافة بكل أنواعها إحدى السمات الأساسية لمجتمع المدينة المنورة، وهو ما أهّلها لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية في العام 2013م، من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وما أهّلها الآن أيضا لاحتضان معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي انطلق يوم الخميس الماضي، ويستمر حتى السبت المقبل 25 يونيو، بحضور واسع من دور النشر المحلية والعربية والدولية، والتي تصل إلى 300 دار نشر من 13 دولة، بالإضافة إلى مشاركة نخبة من المثقفين والكتاب السعوديين والدوليين.
ولا تعتبر الثقافة فعلا طارئا على المجتمع المديني، فمنذ شهدت المدينة المنورة العهد السعودي الميمون في التاسع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1344هـ، ومنّ الله على المدينة وأهلها بالأمن والأمان، أصبحت طيبة الطيبة تزخر بكثير من المدارس والكتاتيب، وباتت الأندية الأدبية والثقافية حافلة بالأدباء والمثقفين، وفتحت حلقات المسجد النبوي أبوابها تستقبل الطلاب والدارسين، وبدأت الحياة الثقافية في المدينة المنورة تستعيد عافيتها، وتتجه نحو التطور والارتقاء لتواكب جوانب الحياة الأخرى، الاقتصادية والاجتماعية، والتي ازدهرت جميعها استنادا على حالة الأمن والطمأنينة التي انتشرت في سائر أنحاء البلاد، حتى وصلنا إلى هذا العصر الزاهر، الذي تبوأت فيه المملكة ومناطقها المختلفة مكانتها المستحقة على كافة الأصعدة، وأصبحت الثقافة فيه أحد معالم الحياة الاجتماعية للسعوديين كافة.
ولعل ما يلفت النظر في معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، هو احتضانه لأكثر من 80 فعالية ثقافية متنوعة، يشارك فيها عدد من المبدعين والمثقفين والكتّاب من أكثر من دولة عربية، بالإضافة إلى ورش العمل والندوات واللقاءات والأمسيات الشعرية، التي تجتذب محبي الثقافة والأدب والفنون، وتعمل على نشر حالة من الزخم والثراء الثقافي في مجتمع المدينة والمناطق المحيطة بها، ويصل صداها لكافة أرجاء الوطن.
أما ما يثير الإعجاب أيضا في معرض المدينة للكتاب هو احتفائه بأدب وتاريخ ومعالم المدينة المنورة، ورواد الحركة الأدبية فيها، وهو احتفاء مستحق بتاريخ مجيد، ورواد أفاضل، أثروا الحياة الثقافية والفكرية للمجتمع المديني، وساهموا في ترسيخ الهوية الثقافية المميزة لطيبة الطيبة، والتي تعتبر جزءًا مهما وبارزا من فسيفساء الثقافة السعودية الجامعة.
فشكرا من القلب لوزارة الثقافة، وهيئة الأدب والنشر والترجمة، على هذا المعرض ومكانه وتنظيمه اللافت، ودعوة صادقة لكل سكان منطقة المدينة المنورة والمملكة بشكل عام، للاستمتاع بهذا المعرض الرائع، وفعالياته الثقافية الممتعة.