الزواج للعقلاء فقط..!

تم النشر في

تحفل الكثير من آيات القرآن وأحاديث السُّنة النبوية المشرفة بالوصايا بالنساء؛ ويكفي أن آخر ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- هو: "أوصيكم بالنساء خيرًا"؛ وذلك تقديرًا منه لأهمية دور المرأة في المجتمع، وطبيعتها ونفسيتها التي لا تحتمل العنف، وأنها رقيقة، ينكسر قلبها بتراكم الأحزان والحسرات.

ولكنَّ –للأسف- كثيرًا من الرجال يتصورون أنهم يمتلكون نساءهم؛ ويستطيعون فعل ما يريدونه فيهن، وأن من حقهم ضربها ومعاقبتها ومنعها من الخروج.. إلى غير ذلك من التصورات غير الصحيحة التي تعشش في عقول بعض من يستندون إلى تفسيرات خاطئة لأحكام الدين، وتأويلات غير صحيحة لمعاني آيات القرآن الكريم.

ورغم ذلك لا يكاد يمرُّ يوم دون أن نسمع عن مأساة، ضحيتها إحدى النساء. ربما يرى البعض أن تلك الحوادث تمثل حالات فردية، ولا يصح اعتبارها مقياسًا لأحوال المجتمع. وربما كان ذلك صحيحًا، لكن التزايد الواضح في نسبة حوادث العنف ضد المرأة، الذي تؤكده الإحصاءات الرسمية، تقرع جرس الإنذار؛ لأنه إذا استمر ذلك الارتفاع الكبير بهذه الوتيرة نفسها فسوف يصل الأمر إلى حد الظاهرة التي تهدد المجتمع في غضون أعوام قليلة.

ونظرة سريعة إلى الأسباب التي تقف وراء معظم حالات العنف الأسري توضح أن كثيرًا من الأسر تلجأ لتزويج أبنائها رغبة في تقويم سلوكياتهم المرفوضة قبل الزواج؛ فكل من فشل في دراسته، أو عرف طريق المخدرات، أو أدمن السهر في الاستراحات إلى أوقات متأخرة من الليل، أو سبق له دخول السجن.. تعتقد عائلته أن الزواج سيضع حدًّا لنزواته، وباتت مقولة "زوجوه يعقل" كأنها وصفة سحرية لمشكلات هؤلاء!

هذا التصور يحمل في طياته كوارث لا حصر لها؛ فالزواج ليس من أهدافه علاج المجانين وتحسين تصرفات "المفلوتين"، بل هو خطوة سامية لهدف نبيل، لا ينبغي أن يُسمح بها إلا لمن عُرف بالأخلاق الفاضلة، والسلوك الحميد.. فبنات الناس لسن لعبة في أيادي المستهترين، ولا يصح أن يتحولن إلى حقول تجارب لكل طائش عجز أهله عن تقويم سلوكه.

هؤلاء الفتيات اللائي بذلنا مجهودًا كبيرًا في تربيتهن، وقمنا بالإحسان إليهن، لن تكتمل مهمتنا التربوية النبيلة تجاههن بمجرد تزويجهن، بل لا بد من الاطمئنان على أن من استودعناهم إياهن هم على قدر الأمانة، ويستحقون هذا الشرف الذي منحناه إياهم، وأنهم قادرون على رعايتهن، والإحسان إليهن.

ولأننا مجتمع شرقي إسلامي، يقوم على مفهوم الأسرة، فإن الفتاة في العادة تظل تحلم طوال حياتها في بيت والدها باليوم الذي يطرق بابها "ابن الحلال" وفارس الأحلام الذي يتمتع بالرجولة والشهامة والأخلاق الفاضلة.. وللأسف تُفاجَأ في أيام الزواج الأولى بأنها مطالَبة بتعديل سلوك من كانت تفكر في الاعتماد عليه بقية حياتها!

ولا أجد أفضل من حديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام- لأختم به مقالتي عندما قال فيما معناه: "إن من عال ثلاث بنات فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن دخل الجنة". أما الذين فشلوا في تقويم سلوك أبنائهم وتربيتهم؛ فخرجوا فاسدين مستهترين، فإن عليهم البحث عن الأطباء النفسيين، واللجوء إلى المستشفيات؛ لأنها المعنية بتقويمهم وعلاجهم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org