تحوُّل ومكتسبات

** عشنا قبل أيام ذكرى خالدة، احتفل بها الوطن ومواطنوه؛ بما تعنيه من عمق تاريخي، وملاحم بطولية، سُطِّرت على صفحات التاريخ، وكانت نواة وطن الشمس: المملكة العربية السعودية، حتى غدا يطاول السماء حضارة ومجدًا وعزًّا. ونحن نستلهم بطولات التأسيس والتوحيد، ومرحلة التحول التي عاشها إنسان هذه الأرض إلى ما نحن فيه من نعم الأمن والاستقرار والبناء.

** ففي الثاني والعشرين من فبراير سنة 1727م كان تأسيس الدولة السعودية الأولى على يدَيْ الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-؛ لتبدأ مرحلة التحوُّل في حياة إنسان هذه الأرض المباركة.

** لقد كانت الفوضى وانعدام الأمن والجهل والفقر هي السمة التي عمَّت الجزيرة العربية قبل الدولة السعودية الأولى؛ فالمجتمع قبائل متناحرة، لا يقر لها قرار سوى ما كان منها على طرق القوافل وضفاف الأودية.

** فالإمارات المتناثرة في الجزيرة العربية كانت تخضع لزعامات قبلية في تعاملاتها داخل الإمارة الواحدة، أو في علاقاتها ببعضها، إلى أن برز الأمير مانع المريدي -رحمه الله- بالدرعية التي أصبحت إمارة ونواة لتأسيس الدولة السعودية الأولى، واستمر حكمه لها وأحفاده من بعده حتى قيام الدولة على يدَيْ الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- الذي تولى إمارة الدرعية، وبدأ مرحلة التأسيس والتوحيد.

** لقد التفَّ الناس حول الإمام محمد بن سعود، وانضموا تحت لوائه؛ لما لمسوه من تديُّنه، وحرصه على إقامة العدل، وإشاعة الأمن.. وقضى فترة حكمه التي امتدت إلى 1765م في تضحيات وبطولات في سبيل لَمّ شتات القبائل، والقضاء على الفُرقة والتناحر، وعاش إنسان هذه الأرض مرحلة تحوُّل، لم يشهدها من قبل؛ إذ انتشر الأمن، واستوطن البدو الرُّحَّل.

** وقد استمرت مرحلة التحوُّل في عهود الأئمة من بعده، سواء في الدولة السعودية الأولى، أو الثانية، التي نقلت العاصمة من الدرعية إلى الرياض، حتى كانت مرحلة التحوُّل الكبرى نحو البناء والتطوير في عهد الدولة السعودية الثالثة على يدَيْ المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-.

** إنها –بحق- ملحمة تاريخية، خاضها الملك عبدالعزيز، وأرسى دعائم الأمن والاستقرار والبناء على هدي من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ودارت عجلة التنمية في المجالات كافة حتى غدت السعودية رقمًا مهمًّا على الخارطة الدولية؛ فقد أدرك الملك عبدالعزيز بثاقب بصيرته أن الأمن والتعليم والصحة أساس بناء أي أمة؛ فأولى عنايته الفائقة بهذه المجالات الثلاثة، إلى جانب مجالات البناء الأخرى، وسار على نهجه أبناؤه الملوك البررة حتى هذا العهد الميمون عهد الحزم والعزم، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، والسعودية تتسنم المجد، بماضٍ تليد، وحاضر زاهر فريد، ومستقبل مشرق -بإذن الله-.

** إن ذكرى التأسيس استلهام لبطولات بُذلت، وعمق تاريخي متجذر، وجهود كبيرة، أرست دعائم الدولة.. وهذا ما يجب أن يُقدَّم للأجيال؛ ليقرؤوا نصاعة ماضيهم، وتضحيات قادتهم في سبيل الحفاظ على الوطن ورفعته ورُقيِّه وتقدُّمه؛ لينعم المواطن بسُبل الراحة والعيش الكريم كافة، ولنستشعر عظيم النِّعم التي مَنَّ الله بها علينا في هذا الوطن المعطاء. حفظ الله وطننا، وأدام أمنه واستقراره في ظل قيادته الحكيمة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org