مهما كانت وسيلة النقل حديثة، ومريحة.. مهما كان السعر وزمن الطيران.. إلا أن السفر جوًّا يعتبر تجربة مثيرة وقصة تروى. تُنظِّم هيئة الطيران الفدرالي الأمريكي يوميًّا رحلات لنحو ٣ ملايين مسافر على متن ٤٥ ألف رحلة جوية في نطاق جوي يزيد على ٢٩ مليون ميل مربع. كما يبلغ عدد الرحلات أكثر من 16 مليون رحلة جوية سنويًّا، وهي الأكثر أمانًا قياسًا بالطرق البرية والبحرية حول العالم.
الطيران فضاء مشوق وحساس في الوقت نفسه؛ لكون الطائرة (أرضًا ذات سيادة) مكتسبة من قرارات أممية، لا ينبغي انتهاكها، تحكمها تحالفات واتفاقيات دولية.. كذلك مرتبطة بشراكات لتبادل المنافع. مثال: بيع المقاعد والصيانة والشحن.. أيضًا خدمات التموين، وخدمات أرضية أخرى ضمن نطاق التحالف. ومع ذلك يبقى الطيران من أفضل وسائل النقل أمانًا وسلامة.
يبلغ الغموض أَوْجَه حين تفرغ الطائرات حمولتها في آخر بوابة أو موقف الطائرة بعيدًا عن مجمع استلام الأمتعة بأميال، وعلى المسافر (العادي) قطعها عبر صالات، وردهات مشرعة بلوحات، تستعرض معالم البلد السياحية وتراثها، ولافتات ضوئية ترويجية أخرى لمنتجات الأسواق الحرة، بعضها لا يرقى للذوق في الشكل والمحتوى.. إذ تحسب تعرفة مواقف الطائرات بحسب قربها وبعدها عن بوابات الخروج بصالات السفر والقدوم.
السؤال الذي يدور في ذهني: لماذا لا توضع أكثر من صالة تجمُّع لسيور الأمتعة، بدلاً من حصرها في صالة واحدة ما دامت شركة المطارات تضيف رسومًا من جيب الركاب لاستعمال مرافقها إلى قيمة التذكرة الداخلية والدولية؟
آلاف العمليات تُجرى يوميًّا من خلف الكواليس، وتفاصيل لا حصر لها، تنتجها جميع الشركات بالمطارات؛ لتقدم بذلك أجود منتج لكسب ولاء الراكب. بالنسبة للعيوب والأخطاء تعتبر جزءًا من التشغيل.. لكن يُفترض عدم تكرارها، إنما التباين في مستوى الخدمات؛ ويعود لقوة الإدارة، وصرامة تطبيق الإجراءات، كما تنص عليها سياسات الشركة. إن جميع شركات الطيران لديها هامش خطأ، لا يتجاوز في الغالب واحدًا في المليون على مستوى السلامة، ومعدل ٩٠٪ للانضباطية في المواعيد. كذلك وضعوا نسبًا مئوية للحمولة والشحن والضائعات؛ لذلك تلاحظ اختلافًا في مستوى الخدمات وأساليب المعالجة، ليس بين ناقل جوي آخر، ولكن بين مطار وآخر في الدولة نفسها.
الطيران عالم مشوق في هيئته وتجربته.. ويعد الأكثر أمانًا بين وسائل النقل العام والخاص.
معظم شركات الطيران الداخلية تطلب الحضور قبل ساعتين، لكنها لا تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة إلا قبل ٤٥ دقيقة، كما لا تسمح موظفة (خدمات الضيوف) بخروج الكرسي المتحرك إلا قبل وصول الطائرة بعشر دقائق.. لذا تلاحظ تأخير وصول العامل البوابة. فإن كان التأخير ضمن خدمتها فعليها التصريح في تعليماتها المقروءة عن سياسة الخدمة وحقوق المستفيد؛ لكي يأخذ المسافر احتياطه في ظل عدم توفير بديل.. للأسف خدمة ذوي الهمم وكبار السن لم تتحسن رغم التطور الهائل الذي شهدته بعض سلاسل الخدمة بالمطارات.
يحدو المسافر الأمل بقضاء رحلة ماتعة، لا ينغصها إلغاء حجز وتأخير رحلة.. كما يؤذيه طول الممرات، وعبس موظف الخدمات الأرضية، وفقدان أمتعته..
المطلوب تطبيق بنود العقود التي تدفعها الدولة للمتعهد حرفيًّا، والاستعانة بالجهات الرقابية للتصرف ما دام يد المدير مرتجفة!
غياب المحاسبة تتجلى في أسلوب المشرف وصلفه.. فبدلاً من الاعتذار والمبادرة لتغطية عيوب شركته يهب في وجهك بالعبارة الشهيرة (روح اشتكي)!