دعوة من القلب لمجتمع العلاقات العامة

لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي تقوم به العلاقات العامة في إبراز المنشآت والمؤسسات المختلفة في القطاعين العام والخاص؛ فهي بمنزلة المنصة الدبلوماسية التي تستطيع عبرها تلك المؤسسات الانفتاح على العالم الخارجي، والتعاطي معه بفاعلية؛ لأنها حلقة الوصل التي تتولى مهمة التعريف بالكيان، وتُنظِّم علاقاته مع الآخرين، والدفاع عنه في مواجهة المعلومات الخاطئة أو المغلوطة، وتجتهد في إبراز صورته المشرقة.

ومع التطور الهائل الذي يشهده مجال الأعمال في الوقت الحالي، وتشعُّب العلاقات التجارية والثقافية بين الدول كافة للدرجة التي أصبح فيها العالم قرية صغيرة كما يقولون، ازدادت الحاجة بصورة ملحة لتفعيل دور العلاقات العامة؛ فأصبحت إدارة قائمة بذاتها، لا تستطيع أي مؤسسة أن تتجاوزها إذا ما أرادت أن تصيب النجاح الذي يعينها على البقاء في دائرة المنافسة.

ومن طبيعة اسم إدارات العلاقات العامة تتضح الحاجة الماسة إلى ضرورة وجود تواصل مستمر بين مَن يعملون في هذا المجال كافة؛ فتُتاح الفرصة للتكامل والتعاون والاستفادة من الكوادر الوطنية الهائلة التي تتولى تسيير أمور تلك الإدارات، ولاسيما بعد تزايد الاتجاه خلال الفترة الحالية نحو توطين هذه المهنة، وتقليل أعداد العمالة الوافدة التي تعمل فيها.

هذا الاتجاه لا ينبع فقط من باب الرغبة في إحلال العمالة الوطنية، رغم أن ذلك هدف نبيل، تسعى له الدولة على أعلى مستوياتها، لكن بحكم المهام الموكلة على عاتق العاملين في هذه المهنة فإنهم يكونون على اطلاع تام بالكثير من أسرار الجهات التي يعملون فيها؛ لذلك فإن خروج هذه الأسرار قد يمثل خطرًا داهمًا؛ لأنها تتعلق في معظم الأحوال بملفات إدارية ومالية وخطط مستقبلية على درجة عالية من الأهمية.

أعود إلى حتمية وجود تواصل مستمر بين العاملين في هذا الحقل لتبادل الخبرات والمعارف، واستعراض وجهات النظر، وخصوصًا إذا أخذنا في الحسبان أن هذا العلم الواسع يشهد جديدًا مع بزوغ كل فجر؛ وهنا تبدو حتمية التواصل حتى تنتقل هذه المعارف من الكوادر التي تشبعت بالمعرفة والخبرة إلى العناصر الوطنية الشابة والأجيال الجديدة.

كذلك تتعرض هذه المهنة لكثير من التجني الذي يمارسه عليها البعض لأسباب متفاوتة؛ إذ نطالع في كثير من الأحيان بعض مَن يزعمون أفول شمس العلاقات العامة بعد ظهور أسماء جديدة، مثل التواصل المؤسسي وغيره.. وللأسف، فإن بعض مَن يرددون هذه المزاعم لا يعلمون أن المهمة التي تقوم بها إدارات التواصل المؤسسي هي مجرد جزء من المهام الكثيرة والمتعددة التي تقوم بها العلاقات العامة، وليس العكس.

ورغم الحاجة الماسة للحفاظ على المكاسب التي تحققت للعلاقات العامة، لكن للأسف يلاحَظ أن هناك غيابًا تامًّا للتواصل بين ممارسي هذه المهنة؛ إذ يعمل كل منهم وكأنه في جزيرة معزولة عن الآخرين. ومما يزيد من علامات التعجب هو أن هناك جمعيات مسجلة، مثل الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان SPARA، إضافة إلى جمعيات أخرى في بعض المدن والمناطق. ومع التقدير العام لما قامت ولا تزال تقوم به تلك الجمعيات من جهود، إلا أن الكثيرين ينتظرون منها المزيد لجمع شمل العاملين في هذه المهنة، وأن تكون مظلة تجمعهم، وتتبنى أفكارهم، وتعمل على تحقيق طموحاتهم، وتلبية رغباتهم.

أعود وأؤكد من جديد أن جمعية SPARA التي يقوم على مجلس إدارتها العديد من الإخوة الأفاضل بالإعلام العاملين في هذا المجال شهدت خلال الفترة الماضية تفاعلاً كبيرًا من المهتمين بهذا المجال على مستوى الأفراد والمؤسسات، وكان لها دور ملموس، إلا أننا نتطلع إلى أن تكون ملاذًا لأبناء المهنة الواحدة، نلتقي تحت ظلالها، وتكون مرجعية لنا؛ لنستفيد من رصيد الخبرة الذي يحظى به الرواد الذين سبقونا، ونسهم في نقل القليل الذي تعلمناه إلى إخوتنا الذين أتوا بعدنا، ونساعدهم على صقل مواهبهم، وتطوير قدراتهم، وتعريفهم بكل ما هو جديد في مجال التخصص، وأن نصل إلى مرحلة إنشاء هيئة، ترعى العاملين في هذه المهنة، وتحفظ مكتسباتهم، وتصون حقوقهم.

ولا أجد ما أختم به هذه المقالة سوى التشديد على أننا الذين نتولى مسؤولية تعريف المجتمع بالمؤسسات التي نعمل فيها أحق بأن نتعرف على بعضنا، وأن نكون أكثر ترابطًا، وأن نشيد جسور المعرفة والترابط بيننا.. ولتكن مقالتي هذه بمنزلة دعوة لجميع الإخوة للتواصل والتفاعل. وكل عام والجميع بخير.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org