سحابية أو افتراضية.. مطاعم ليس لها عنوان!!

نعم، هي مطاعم موصدة الأبواب، ومغلقة أمام عملائها، والدخول إليها ممنوع.. إنه اختراع جديد، يحلق بك بعيدًا فوق أطياف الخيال بين طيات السحاب.. يحملك على أكف الراحة وأجنحة الريح إلى قلب المدينة أو أطرافها؛ لتنظر أيها أزكى طعامًا وأحلى مذاقًا، وتأكل من طيباتها وأنت في مقرك ومستقرك دون مكابدة عناء الطرق المزدحمة.

المطاعم السحابية أو الافتراضية أو الشبحية اكتشاف جديد، دخل السوق السعودية بأمر فيروس كورونا المستجد في عام 2019، فوجد العملاء فيها حلاً مناسبًا للخروج من عزلة الاحترازات الصحية، واتخذوها ممرًّا آمنًا وسهلاً بعيدًا عن الزحام؛ وهو ما قلل من نِسب العدوى والصدام مع القاتل الذي لا يرحم.. وصادفت الفكرة الحديثة قبولاً لدى المستثمرين للاستفادة من القوى الشرائية العالية للسوق السعودية.

بعد ظهور الفكرة في الصين والولايات المتحدة دخلت السعودية على الخط بقوة وهي تدفع بمبلغ مليار ونصف المليار ريال عن طريق صندوق الاستثمارات العامة في شركة المطاعم السحابية كلاود كيتشن "Cloud Kitchens" للاستثمار في هذه الصناعة؛ لتحقيق العديد من الأهداف، وفي مقدمتها توفير فرص عمل إضافية للشباب السعودي، وتوطين الوظائف من أجل اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، بما يتماشى مع الرؤية وبرنامج التحول الوطني. وجاءت الاستجابة عالية بولوج أعداد مقدرة من الكفاءات الوطنية هذا العالم السحابي.

كذلك يأتي الاهتمام الحكومي بهذا المجال في سياق تنويع مصادر الدخل والاستثمار في القطاعات الواعدة على الصعيدَيْن المحلي والخارجي، ضمن مستهدفات رؤية 2030، وأيضًا لمواكبة طموح القيادة الحكيمة في التحول الرقمي؛ إذ تقوم على الاستفادة من الثورة التقنية، واستخدام أحدث التطبيقات على الشبكة العنكبوتية لتوصيل الطلبات لأصحابها في أي مكان، وبالسرعة التي تضع أمامك طبق الطعام طازجًا ساخنًا.

ونسبة للقبول الواسع الذي حظيت به الفكرة في المجتمع، فقد وجدت جهات عدة في المطاعم السحابية ضالتها كفكرة تتمتع بمواصفات وامتيازات لا تتوافر لدى نظيراتها من المطاعم التقليدية؛ كونها ليست بحاجة لاستنزاف أموال للإيجار، أو إبرام العقود للحصول على مكان متميز، أو واجهات عصرية لعرض الطعام، أو مساحات كبيرة تسع الزبائن، وهي لا تأخذ كثيرًا من الوقت للتجهيز، ولديها سرعة فائقة في إعداد قوائم متنوعة من الطعام، تمثل رغبات العملاء من مختلف القارات في مطبخ واحد، وتقدم الخدمة بكفاءة عالية ومضمونة، وفوق كل ذلك تساهم في تخفيض تكاليف التوصيل عبر وسائل النقل المختلفة.

وفي الوقت ذاته يتيح هذا النوع من المطاعم الاستفادة من العلامات التجارية لشركات أو جهات أخرى؛ ما يعد فرصة مواتية لشبابنا السعودي لدخول سوق العمل التجاري لتحصيل عوائد مالية جيدة عبر نظام "الفرنشايز" الذي يمنح من خلاله صاحب العلامة التجارية طرفًا ثانيًا حقوق الاستخدام أو حقوق الملكية الفكرية أو الصناعية كصيغة مثالية.

ووفقًا لهذا تستطيع مجموعة من الشباب إنشاء مطبخ سحابي بطرق عدة، وتأجير مساحات لماركات تجارية قائمة، والاستفادة منها في التسويق والتشغيل وتقديم الخدمات المساندة.

وتمثل المطابخ التابعة أو السحابية ما يتراوح بين 60% و70% من النشاط التجاري في السوق العالمي، فيما تتراوح نسبة المطاعم والعلامات التجارية الافتراضية بين 20% و30%. وهذا التفاوت الكبير في النسب المئوية يؤكد حالة الغزو للمطاعم السحابية المسنودة بالعلامات التجارية لأسواق الطعام. ولأن المشروع في أصله يعتمد على إعداد طعام شهي، وتوصيله للمستهلك بسهولة دون الحاجة لعلامة تجارية، فقد ارتفعت معدلات النمو في هذا المجال بصورة متسارعة.

عندما دخلت للمدونة وجدت معلومات كثيرة، منها أن تقارير عديدة تتوقع تزايُد اعتماد العملاء في مختلف أنحاء العالم على المطاعم السحابية؛ إذ تتوقع تقارير مختصة أن يتضاعف نمو هذا النوع من المطاعم ثلاث مرات مقارنة بالمطاعم العادية بحلول عام 2025، ولاسيما أن بنك التنمية الاجتماعية ومركز "دلني" لرواد الأعمال يقدمان دعمًا كبيرًا لهذا النوع من الاستثمار الذي يتيح للشباب إطلاق المشاريع التجارية الخاصة بهم بدلاً من الانتظار في طوابير الحصول على وظيفة.

ومما يزيد من أهمية هذه المطاعم أنها تتيح فرص عمل إضافية للشباب عبر الخدمات المساندة التي تتطلبها، مثل شركات توصيل الطعام، ووكالات الدعاية والإعلان والتسويق، ومُلاك السيارات الخاصة.. كما أنها صناعة جاذبة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، وقطاع واعد لاستقطاب الكفاءات الشبابية؛ وبذلك يتسع مفهومها من كونها غرفًا ظلامية ضيقة إلى فضاءات استثمارية واسعة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org