الحملة التي أطلقتها بعض الجهات الحكومية لتوثيق المخالفات والتجاوزات، سواء فيما يتعلق بالأمور البلدية، أو التوطين والسعودة وغيرها، حققت نتائج طيبة، وعدلت الكثير من المسارات التي صاحبها الاختلال والغش وعدم الالتزام بالأنظمة، وأصبح المواطن والمقيم شريكًا أساسيًّا في تصحيح الأخطاء والتجاوزات التي يرتكبها أصحاب الأعمال والعمالة غير المنضبطة.
نحن نعلم أن الرقابة لا يمكن أن تغطي كل شيء، بل من المستحيل أن تتم السيطرة على جميع المخالفات التي ترتكبها العمالة والوافدون في المحال والمعارض والشركات والسوبر ماركت، وغيرها من الأنشطة.
هذه الفكرة جميلة جدًّا، وتُشرك المستهلك في الرقابة، بل تجعله عينًا يرصد جميع المخالفات، ويرسلها للجهات المعنية. ولا أخفيكم أن هناك الكثير ممن لديهم الغيرة الوطنية ـ في السابق ـ يشاهدون الكثير من التجاوزات، ولكن لا حيلة لهم في التبليغ عنها؛ لأن أغلبها وقتي، يمكن تلافيه بسرعة من مرتكب المخالفة، ولكن حاليًا يستطيع الشخص الاتصال على الجهة المعنية، وخلال دقائق تجدهم أمامك يباشرون المشكلة، ويوقّعون الغرامات على مرتكبها. وأتذكر قبل أسابيع عدة أنني ذهبت إلى مطعم صغير في الحي الذي أسكنه، ولاحظت أن العامل يحضر الدجاج من خارج الثلاجة، ويبدو عليه التلف؛ فكلمته في هذا الأمر ولم يستجب، بل انفعل ورفع صوته؛ فقمت من فوري بالتبليغ مع الصور، وما هي إلا لحظات حتى حضر مندوب البلدية، ووثق المخالفة، وأوقع الغرامة مع الإنذار بالإغلاق إذا تكررت المشكلة. بعدها تعدل وضع المطعم بشكل كبير؛ وأصبح حريصًا على النظافة والاهتمام بالتفاصيل كافة.
هذا الاقتراح جميل جدًّا؛ لأن أصحاب المنشآت بدؤوا ينظرون للجميع وكأنهم مراقبون، ويحذرون منهم؛ وهو ما عدَّل من سلوكياتهم وطريقة تعاملهم بشكل واضح. أتمنى من الجهات المعنية إذا كان هناك غرامة أن يتم إعطاء المبلِّغ جزءًا منها تحفيزًا للجميع للمشاركة في التوعية والتبليغ عن الأخطاء؛ لأن هؤلاء ينطبق عليهم المثل "مَن أَمِن العقوبة أساء الأدب".