عراقة ممتدة لثلاثة قرون

تم النشر في

خلال ساعات من الآن سنحتفل في السعودية بأول يوم للتأسيس؛ ليكون المناسبة الوطنية الثانية للمملكة العربية السعودية. في هذا اليوم يحق لنا جمعيًا أن نفاخر الأمم والأوطان بأن لنا تاريخًا وطنيًّا، تمتد جذوره إلى ثلاثة قرون. هذا التاريخ له أحداثه وقصصه وبطولات وإنجازاته التي تستحق أن نحتفل بها، ونتذكر تفاصيلها، ونستلهم منها سيرة الآباء والأجداد.

وسيظل يوم التأسيس مرتبطًا بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اللذين استشعرا أهمية أن تتعرف الأجيال المقبلة على تاريخ بلادهم كاملاً غير منقوص، وتعرف أن لهذا الوطن أبطاله ورموزه الذين سطَّروا تاريخ الجزيرة العربية بأحرف من ذهب؛ ومن هنا أرادا استحضار صفحات التاريخ، وإعادة صياغتها متسلحَين بالإيمان بالله ورسوله، ومؤمنَين بأن الله سخرهما ليكونا سببًا مباشرًا في تأليف قلوب القبائل على بعضهم، وتوحيدهم على قلب رجل واحد.

ونحن نحتفل بيوم التأسيس نؤكد أن هذا اليوم سيبقى ذكرى عظيمة، خالدة في القلوب قبل العقول، ومناسبة سعيدة، أهداها ولاة الأمر إلى الشعب السعودي، الذي يستطيع اليوم الاطلاع على كامل تاريخ بلاده، بدءًا من الدولة السعودية الأولى، التي أسسها الإمام محمد بن سعود عام 1727؛ لتكون النواة الحقيقية التي تأسست عليها الدولة السعودية الثانية بعد سبع سنوات، وصولاً إلى السعودية الثالثة الحالية، المملكة العربية السعودية، التي أبصرت النور بعد عشر سنوات من الدولة الثانية، وهو ما يؤكد حقيقة مهمة، هي أن لهذه البلاد سِجلاً حافلاً بالإنجازات التاريخية.

أقول -ويتفق معي الجميع- إن تجربة الآباء والأجداد في توحيد شمل هذا الوطن ستبقى فريدة من نوعها، لم تشهدها الجزيرة العربية في تاريخها الحديث؛ ليس لسبب سوى أنها تعبِّر عن طبيعة قادة هذه البلاد، وحرصهم الفطري على نبذ الفُرقة، وإزالة الضعف، ومحو الشتات عن قبائل الجزيرة العربية، يدفعهم إلى ذلك رغبتهم في نشر الشريعة الإسلامية في ربوع البلاد بعيدًا عن أي أطماع في جاه أو سلطة، يدركون أنها زائلة وإن طال بها الزمن، ومن هنا نالت تجربة الوحدة قبول ورضا القبائل المتنافرة وتأييدها.

وهنا أدعو أبناء الوطن إلى أن يكون احتفالهم بيوم التأسيس نموذجيًّا ومبهجًا، يستلهمون فيه دروس وعِبر الأيام الخالدة في تاريخ السعودية، وكيف استثمر أمراء وأئمة الوطن ذكاءهم، واستنهضوا عزيمتهم للوصول إلى كل ما يسعون إليه، وكيف رفضوا اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع، وأقاموا العدل، وعززوا المساواة في دولتين سابقتين، وصولاً إلى السعودية الثالثة التي استكملت الجهود، وأقامت البناء في دولة متطورة وقوية ومزدهرة، بشهادة دول العالم.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org