عندما قال الملك: "الإنسان أولاً"

في الخامس من مارس هذه السنة نشرت وكالة الأنباء السعودية "واس" قرار وزارة الداخلية رفع الإجراءات الاحترازية التي كانت متخذة للحد والوقاية من انتشار فيروس كورونا، والعودة للحياة الطبيعية.

وكان البعض يتداول ما أُعلن قبل سنتين من اليوم، وتحديدًا في الثالث والعشرين من مارس؛ إذ صدر أمر ملكي بمنع التجول لمدة 21 يومًا للحد من انتشار الفيروس. أتذكر هذه المفارقة اليوم ونحن نستقبل العشر الأواخر المباركة؛ إذ كنت في صفوف المصليات في صلاة التراويح.

هذه الروحانية التي حرمنا منها كورونا في العشر الأواخر في السنة الماضية، والتي قبلها. هذه المفارقة تجعل مَن يتأملها يقول "وين كنا ووين صرنا؟".. لم تكن مجرد نتيجة طبيعية لمرور الزمن؛ فنحن لا نزال حتى اليوم نقرأ أخبارًا عن دول كنا نظن أنها منتصرة بقوانينها إلا أنها لا تزال تأن تحت مسننات كورونا، بل كما أعلنت "سكاي نيوز"، تحولت أوروبا إلى بؤرة لتفشي كورونا، ونسمع عن دول طالما حدثتنا عن حقوق الإنسان أنها دهست ثائرين في تجمعات مناهضة للقاح بالخيول، ودول أخرى أفلتت على تلك التجمعات الكلاب البوليسية.. هذا وكانت السعودية تستضيف أول ماراثون دولي بالرياض، شارك فيه أكثر من عشرة آلاف متسابق ومتسابقة من مختلف الأعمار والجنسيات دون إجراءات احترازية، ودون أن يكون هناك عواقب؛ إذ إن حالات التعافي تزداد، حتى أعلنت وزارة الصحة في 9 إبريل تسجيل صفر وفيات لأول مرة منذ عامين.

لنعُدْ إلى الوراء قليلاً، ونتأمل الصرامة وعدم التهاون أو التسامح مع مروجي الجهل ونظريات المؤامرة؛ إذ إنه تحت مقولة سيدي الملك سلمان -حفظه الله-: "صحة الإنسان أولاً"، التي وردت في خطاب متلفز في 19 مارس 2020؛ إذ كان العالم في حالة من الرعب والفوضى بسبب الفيروس، كانت اللقاحات والمعقمات والعلاجات مجانية لجميع المواطنين والمقيمين، بل شرطًا لا عبث ولا تهاون ولا مجال للجدال فيه.. وتزامن مع ذلك إطلاق حزمة من التطبيقات، مثل تطبيقَي توكلنا وتباعد. ولم تتوقف السعودية عند ذلك، بل قامت بدعم دول أخرى بأطنان من المستلزمات الطبية.

أتذكر جملة قالها الملك سلمان في خطابه في ذلك الوقت: "إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تمامًا أنها مرحلة ستمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها".. وها نحن اليوم نشهد واحدًا من أجمل الانتصارات الإنسانية التي حفظت صحة الإنسان، وجودة حياته، بل تجاوزت ذلك إلى رفاهيته.. في حين أن دولاً أخرى، كانت تشتمنا ليلاً ونهارًا بملف حقوق الإنسان، تسببت في هلاك شعوبها، وعدم سيطرتها على تيارات الجهل والخرافة والمؤامرات.

تقول ليندا زيريلي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة شيكاجو: "لا يمكن هزيمة الأسطورة عبر معارضتها بالمنطق والدقة أو بقوة الدليل. إن الأسطورة بالطبع بلا أساس؛ وهذا ما يجعلها مستقرة وثابتة. ما يميز الأسطورة ليس فجاجتها أو سذاجتها، وإنما قدرتها على التملص من أدوات التحقيق".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org