رددنا كثيرًا عبارة "مشاهير الفلس"، وعوقب من المشاهير مَن تجاوز، أو بث خوفًا، أو خالف نظامًا. ووُضعت بعض القوانين لتنظيم هذا الشكل من الإعلام، وظهر مشهور لا يحسن الحديث، وكُرم كإعلامي، وبالمقابل غضب الإعلاميون الحقيقيون، وظهر السؤال: مَنْ الإعلامي الفعلي؟!....إلخ.
من الحمق محاولة إنكار حجم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على البناء الاجتماعي والثقافي، ومن السفه التأكيد أنها مجرد أدوات، والعبرة بكيف يستخدمها من وقعت في يده؛ فلو كانت وسائل التواصل الاجتماعي كما يذكر البعض لما أصبح هناك سباق نحو مَنْ يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة، ولما حدث تنافس بين أصحاب الحسابات فيمن يمتلك أكبر عدد من المتابعين/ الأتباع في بعض المواقف. ولا يخفى على عاقل أن معظم الجماهير على تلك المنصات عبارة عن جيوش غير مضمونة التحركات؛ فالجميع حذر من الجميع. والحديث هنا ليس عن الخوف من تلك الجيوش، بل من قادة الجيوش التي تمهد الطرق، وتعلن المعارك.
منذ أن كنا صغارًا إلى وقت قريب كانت عمليات التجميل أمرًا مستنكرًا، بغض النظر عن الفتاوى التي أعلنت حرمتها بحجة أنها واحدة من أشكال تغيير خلق الله؛ فالاستنكار كان لأسباب عدة، أبرزها: لا شيء ينافس الشكل الطبيعي. وتجاوزنا هذا الاستنكار لندخل في مرحلة سباق مَن يُجري عمليات تجميل أكثر! والتجميل المقصود هو التجميل بمعناه الشعبي الذي يعرفه العامة، وليس التجميل التصحيحي. فإن كان الأمر في ظاهره يحدث من باب الحرية الشخصية إلا أنه في باطنه ينعكس بشكل كبير على السلامة النفسية لأفراد المجتمع.
ومع التأكيد أن مثل هذه التصرفات والرغبة في دخول مضمار سباق عمليات التجميل يندرج تحت الحرية الشخصية إلا أنه يمكن القول إنه تجاوز الحرية الشخصية حينما يتم إجراء سحب من المتابعين، والشخص المحظوظ تُجرى له عملية تجميل!!
أتفهم هوس الشهرة، وما يمكن أن تُحدثه، لكن أن يتجاوز المشهور، ويختار من متابعيه من يرغب بإجراء عملية تجميل؛ ليكون إعلانًا لدكتور ما، وما يمكن أن تنتجه يداه من أشكال جديدة، فهذا الذي لا يمكن تجاوزه! وبغض النظر عن السلامة النفسية لأفراد المجتمع لكن ما زلنا في مرحلة عبث المشاهير الذين بحاجة لأنظمة تضبط ما يقدمونه من محتوى.