مواقفك تصنع مكانتك

كل عام، ومع بداية شهر رمضان المبارك، ومع إعلان رؤية الهلال إيذانًا بدخول الشهر، وإعلان ضرورة إطلاق النية للعمل بالركن الثالث من أركان الإسلام، وهو صوم رمضان، مع جميع ذلك تبدأ رسائل التهنئة بالشهر الفضيل، والدعاء بأن يجعلنا الله جميعًا من الصوام والقوام على الوجه الذي يرضيه عنا.

هذه المظاهر كانت تتكرر بتكرار احتفالاتنا الدينية، التي تجمعنا حتمًا بالإخوة في الدين، والثقافة.. وكنا نمارسها بحدود إمكاناتنا، من زيارات أو اتصالات أو اجتماعات عائلية.. إلخ. إلى أن جاءت ثورة تقنية هائلة، أوجدت الإنترنت، وطورت في تقنيات الويب التي أفرزت شبكات التواصل الاجتماعي، التي يعود لها الفضل في سهولة التواصل الذي أصبح أقل تكلفة وجهدًا. وبذلك استُنسخت طرق التهاني والتبريك، ورسائل تبادل الدعوات الصادقة بأن يرزقنا الله قبولاً في شهره المبارك. وبغض النظر عن أن تلك الرسائل أصبحت لا تحمل روحًا تخصها؛ إذ تصلك رسالة محولة من أحدهم، الذي وصلته محولة من شخص آخر، وكأن تلك الدعوات تشكل عبئًا يجب التخلص منه، وواجبًا يجب تقديمه.. فبظني أن كل ذلك محتمل إلى حد ما، حتى نتوقف عند: ما قيمة أولئك الأشخاص في حياتنا؟!

يحتل الأشخاص مكانة في حياتنا لأسباب عدة، معظمها إن لم يكن جميعها أسباب اجتماعية (أقارب ـ أصدقاء ـ رفاق ـ زملاء عمل.. إلخ). والأعلى منازل هم الذين احتلوا أماكنهم، وأوجدوا قيمهم بمواقفهم النبيلة، والصادقة. هؤلاء هم المتفوقون على غيرهم في المكانة، وهم الاستثناء من الجيوش البشرية المحيطة بنا، هم الذين نفرح بوصلهم، ونأسى على انقطاعهم.

القيمة الحقيقية للبشر في الحياة بمواقفهم، لا برسائلهم أو خطبهم أو ادعائهم الوصل.. إلخ. فلا حاجة لنا بتهنئة باردة تُؤدَّى بطريقة روتينية، نكون من خلالها ضمن مجموعة أفراد في رسالة جماعية، حتى وإن كانت دعوة بأن يجعلنا الله من صوام الشهر وقوامه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org