يعرف الجميع أنه خلال جزء نشط من دورة نشاط الشمس التي تبلغ 11 عامًا؛ يمكن رؤية البقع الداكنة التي تنتشر على سطح الشمس، عند مراقبتها باستخدام التلسكوبات المزودة بمرشحات خاصة، وستسجل المراصد الفضائية التوهجات الشمسية وهي اندفاعات إشعاعية تعتبر أكبر أحداث انفجارية في نظامنا الشمسي، والتي تدوم من دقائق إلى ساعات على سطح الشمس.
أحيانًا يتم إطلاق انبعاثات كتلية إكليلية وهي فقاعات عملاقة من الغاز والمجالات المغناطيسية من الشمس، وهي تحتوي على ما يصل إلى مليار طن من الجسيمات المشحونة التي يمكن أن تسافر إلى عدة ملايين من الكيلومترات في الساعة، يتم قذفها في الفضاء بين الكواكب وأحيانًا تضرب المجال المغناطيسي للأرض؛ ولكن هل هذا خطير؟ وهل يجب أن نقلق؟
إن العواصف الشمسية ليست خطرة على البشر، ولا يمكن أن تؤذي أجسادنا البشرية طالما بقينا على سطح الأرض؛ فنحن محميون بغطاء من الغلاف الجوي للأرض، إضافة أن العواصف على الشمس تحدث منذ مليارات السنين، منذ ظهور الشمس والأرض؛ لذلك فكل أشكال الحياة على الأرض ازدهرت في وجودها.
ما هو خطر العاصفة الشمسية في الفضاء؟
يمكن للجسيمات عالية الطاقة، مثل تلك التي يحملها الانبعاث الكتلي الإكليلي، أن تتسبب فيما يُعرف بالتسمم الإشعاعي؛ لذلك فهي خطرة على رواد الفضاء في حال عدم وجود الحماية اللازمة.
ومع ذلك فإن العواصف الشمسية وتأثيراتها ليست مشكلة بالنسبة لنا على سطح الأرض؛ حيث يحمي الغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي للأرض أجسامنا البشرية من تأثيرات التوهجات الشمسية.
من ناحية أخرى يمكن أن تكون العواصف الشمسية خطرة على تقنياتنا، فعندما يضرب الانبعاث الكتلي الإكليلي الغلاف الجوي للأرض؛ فإنه يسبب اضطرابًا مؤقتًا في المجال المغناطيسي لكوكبنا. إن العاصفة على الشمس تسبب عاصفة على الأرض تُعرف باسم العاصفة الجيومغناطسية.
وأقوى العواصف الشمسية ترسل انبعاثات كتلية إكليلية تحتوي على جسيمات مشحونة إلى الفضاء؛ فإذا حدث أن الأرض كانت في مسار الانبعاث، فيمكن للجسيمات المشحونة أن تصطدم بالغلاف الجوي، ويمكن أن تعطل الأقمار الصناعية في المدار، وتغمر بالإشعاع الطائرات التي تحلق على ارتفاع عالٍ، ويمكنها تعطيل أنظمة الاتصالات والملاحة، ولديها القدرة على التأثير على شبكات الطاقة.
لقد سجل تاريخيًّا أنها تسببت في قطع الكهرباء عن مدن بأكملها؛ بل وحتى مناطق بأكملها كما حدث في 13 مارس 1989 عندما انقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 6 ملايين شخص لمدة تسع ساعات في مقاطعة كيبيك الكندية، وكذلك عبر أجزاء من شمال شرق الولايات المتحدة.
إن العواصف الشمسية من الممكن أن تكون أقوى؛ فقد حدث أكبر توهج شمسي معروف في 28 أغسطس 1859، والذي يسمى حدث كارينغتون؛ حيث سافر انبعاث كتلي إكليلي إلى الأرض في غضون 17 ساعة فقط، بدلًا من الأيام الثلاثة أو الأربعة المعتادة؛ مما تسبب في أكبر عاصفة جيومغناطيسية مسجلة أدت لرؤية الشفق القطبي في أجزاء كثيرة من العالم، وتعطلت أنظمة التلغراف في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية في ذلك الوقت.
ماذا سيحدث لو حدثت مثل هذه العاصفة الشمسية القوية اليوم؟ وهل من المحتمل أن تحدث مرة أخرى في حياتنا؟ لا أحد يعرف الإجابة على هذه الأسئلة على وجه اليقين؛ لكن العلماء أصبحوا على دراية بهذا الاحتمال.
بشكل عام عندما تحدث عاصفة شمسية قادرة على التأثير على الأرض؛ يجب أن تحدث على جانب الشمس المواجه للأرض، ثم يستغرق الأمر عدة أيام حتى يصل الانبعاث الكتلي الإكليلي إلى المجال المغناطيسي للأرض، وعندما يكون الانبعاث كبيرًا يمكن اتخاذ إجراءات طوارئ؛ فمن الممكن للأقمار الصناعية في طريق الانبعاث أن تغلق أنظمتها لفترة وجيزة؛ وبالتالي تظل آمنة.. وبالمثل مع التحذير المسبق، يمكن إعادة تكوين شبكات الطاقة الأرضية لتوفير مزيد من عملية تسمى التأريض.
هل نحن في خطر من عاصفة شمسية ضخمة بحجم حدث كارينغتون؟
يعتقد البعض أننا قد نكون كذلك؛ لهذا السبب بدأت جهات دولية في إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه المشكلة، مع التركيز على إنشاء أنظمة وإجراءات للمساعدة؛ بهدف تحمل مثل هذه التأثيرات القوية من الشمس.